2024/10/06

حلف عسكري لضرب إيران: هل أسقطه العرب؟

في ظل التهديدات الإسرائيلية لإيران، والحديث الأميركي عن دعم "حق إسرائيل في الدفاع عن نفسها" وتأكيد الانخراط الأميركي في الردّ داخل الأراضي الإيرانية، وفي ظل تباهي الحزبين في الولايات المتحدة بمَن يدعم "إسرائيل" أكثر في عدوانها على إيران ولبنان وفلسطين واليمن، يجري الحديث عن التأسيس لشرق أوسط جديد تفرض فيه الولايات المتحدة الأميركية هيمنتها، وتُضعف إيران وتكرّس التفوّق الإسرائيلي في المنطقة.

 

ورداً على مشاريع نتنياهو العدوانية، ورغبة الإدارة الأميركية في التوسع العدواني في المنطقة عبر ضرب إيران، أكّدت دول الخليج العربية (الإمارات العربية المتحدة والبحرين والمملكة العربية السعودية وقطر والكويت) للرئيس الإيراني مسعود بزشكيان، خلال الاجتماعات في الدوحة، أنها "ستكون على الحياد في الصراع بين طهران وإسرائيل"، وأنها لن تسمح للولايات المتحدة باستخدام قواعدها العسكرية الموجودة على أراضيهم للاعتداء على إيران.

 

كما أكد وزير الخارجية السعودي فيصل بن فرحان أن السعودية تسعى "إلى إغلاق صفحة الخلافات بين البلدين إلى الأبد، والعمل على حل قضايانا وتوسيع علاقاتنا كدولتين صديقتين وشقيقتين"، وأشار إلى الوضع "الحساس والحرج للغاية" في المنطقة بسبب "اعتداءات" إسرائيل على غزة ولبنان ومحاولاتها توسيع الصراع في المنطقة، ومؤكداً أن السعودية تثق في حكمة إيران وفطنتها في إدارة الوضع والمساهمة في استعادة الهدوء والسلام في المنطقة.

 

وعليه، لا شكّ أن ما قاله الخليجيون في الدوحة، وإعلانهم الحياد يضرب إلى حدٍ بعيد مشروعاً أميركياً – إسرائيلياً يهدف إلى إنشاء تحالف عسكري شرق أوسطي يضم الدول العربية و"إسرائيل" ومعهم الأميركيين، وهو حلم لطالما ردده الأميركيون وسعوا إليه منذ إدارة دونالد ترامب.

 

1مشروع ترامب لاستهداف إيران

بالرغم من أن لـ"إسرائيل" الكثير من المصالح والرغبة في العدوان على إيران، فإن مَن يقود ذلك عملياً هو الإدارة الأميركية، وهو مشروع برز بشكل واضح مع إدارة الرئيس الأميركي دونالد ترامب، خصوصاً في ظل موجة التطبيع التي سارت بشكل وثيق خلال فترة إدارته، ودعوته إلى إنشاء حلف عسكري شرق أوسطي، تحت مسمّى "تحالف استراتيجي للشرق الأوسط"، والذي أطلق عليه في العالم العربي اسم "الناتو العربي"، ويضم كلاً من دول الخليج ومصر والأردن و"إسرائيل" والولايات المتحدة الأميركية.

 

وبالرغم من قدرة الإدارة الأميركية حينها على دفع بعض الدول العربية إلى التطبيع مع "إسرائيل"، عبر العديد من الإغراءات والمكاسب، لكن، لم يتسنَ لإدارة ترامب أن تحقق طموح إنشاء تحالف عسكري بسبب التباين بين دول المنطقة، والتناقضات العربية، وبعض المحاذير الأخرى المتعلقة بإنشاء تحالف عسكري مع "إسرائيل"، وتأثير ذلك في الأمن القومي الخليجي بالتحديد.

 

2مشروع بايدن العسكري في المنطقة

بعد الحرب الروسية- الأوكرانية، وجدت الولايات المتحدة الأميركية أنها تحتاج إلى تعاون خليجي لزيادة إنتاج النفط من أجل ضبط أسعار النفط العالمية، في ظل العقوبات الغربية على الطاقة الروسية، بالإضافة إلى احتواء النفوذ الصيني المتصاعد في الخليج، لذا عمدت إدارة بايدن إلى تقديم مبادرات تنموية استثمارية تضم "إسرائيل" ودول الخليج والهند، بالإضافة إلى عودة الحديث عن التحالف العسكري الشرق أوسطي، والذي مهّد له ملك الأردن في مقابلة تلفزيونية، بالقول إنه منفتح على إنشاء تحالف عسكري يشبه "حلف الناتو".

 

وخلال زيارة الرئيس الأميركي جو بايدن إلى المنطقة في تموز/ يوليو عام 2022، والتي كان هدفها المعلن إقناع المملكة العربية السعودية والدول المجاورة بالحاجة إلى زيادة إمدادات النفط العالمية؛ استجابةً لأزمة الطاقة التي أحدثتها الحرب في أوكرانيا، إلا أن ما لم يتم ذكره هو رغبة بايدن في الدفع قدماً بما تمت مناقشته خلال اجتماع أمني عسكري – كشفت عنه مجلة "وول ستريت جورنال" الأميركية - عُقد في شرم الشيخ خلال آذار/مارس عام 2022 بين مسؤولين عسكريين أميركيين ونظرائهم الإسرائيليين والأردنيين والمصريين والخليجيين بهدف التنسيق ضد قدرات إيران الصاروخية المتنامية وبرنامجها للطائرات من دون طيار.

 

عملياً، لم يستطع بايدن أن يُقنع الدول الخليجية بالسير بمشاريع عسكرية ضد إيران، وكان الحدث الأبرز في المنطقة الذي قوّض كل المشاريع الإسرائيلية -الأميركية باستخدام دول الخليج ضد إيران هو "اتفاق بكين" الذي أعاد العلاقات بين إيران والسعودية، وطوى صفحة من الصراع في الشرق الأوسط والخليج.

 

أما اليوم، وبعد تطور الحرب في الشرق الأوسط، واحتمالات الانجرار إلى حرب شاملة في المنطقة، بعدما اندفع نتنياهو إلى تلك الحرب بضوء أخضر من الإدارة الأميركية، أتت الإعلانات العربية في الدوحة لتنهي حلماً أميركياً باستخدام دول المنطقة في صراع الكل ضد الكل، وتأجيج صراع سني- شيعي، وإيراني- عربي، لتأمين أمن "إسرائيل" وتفوّقها.

  

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق