2024/06/15

التحقيق الأممي بشأن الاغتصاب يبرئ حماس ويدين "إسرائيل"

قالت لجنة التحقيق الدولية المستقلة التابعة للأمم المتحدة بشأن الأراضي الفلسطينية المحتلة، بما في ذلك القدس الشرقية و"إسرائيل"، في تقرير، إن السلطات الإسرائيلية مسؤولة عن جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية ارتكبت خلال العمليات العسكرية والهجمات في غزة منذ 7 أكتوبر 2023.

 

وفي تحقيق موثّق حول الجرائم الجنسية المرتكبة في الصراع في الأراضي الفلسطينية المحتلة، وهو أول تحقيق معمق للأمم المتحدة في الأحداث التي وقعت في 7 أكتوبر 2023 وما بعده، كشفت اللجنة الأممية زيف السردية الإسرائيلية حول قيام الفلسطينيين بعمليات "الاغتصاب الجماعي" التي ساهم في تسويقها الكثير من وسائل الإعلام الغربية، إضافةً إلى ممثلة الأمم المتحدة المعنية بالعنف الجنسي براميلا باتن، التي كان لتقريرها أثر في تشويه صورة الفلسطينيين. وقد كان مستنداً "غير حاسم" استخدمه كثيرون في الغرب لتبرير الأعمال الوحشية التي تقوم بها "إسرائيل" ضد الفلسطينيين.

 

تكذيب مزاعم قيام حماس بـ"الاغتصاب الممنهج"

تقرير اللجنة الجديد الذي صدر في 12 حزيران/يونيو عام 2024 يكذّب المزاعم التي استند إليها الإعلام الإسرائيلي والغربي بناءً على التقرير الذي أعدته الممثلة الخاصة للأمم المتحدة المعنية بالعنف الجنسي في حالات الصراع براميلا باتن، والتي أصدرت تقريراً يستند إلى زيارة أجرتها من 29 يناير/كانون الثاني إلى 14 فبراير/شباط إلى "إسرائيل" والضفة الغربية المحتلة "لجمع وتحليل مزاعم العنف الجنسي المرتبط بالصراع والتحقق منها"، وقالت فيه إنها تعتقد أن حماس ارتكبت عنفاً جنسياً ممنهجاً في السابع من أكتوبر، بالرغم من أنها عادت واعترفت بأن الأمر يحتاج إلى تحقيق معمّق لم تستطع القيام به بنفسها.

 

خلص التحقيق الحالي الموسّع والمعمّق والمستند إلى دلائل وإفادات الشهود إلى أنه على الرغم من حصول عنف ضد النساء في 7 تشرين الأول/أكتوبر، لا يوجد دليل على أي اغتصاب، ونفت مزاعم "الاغتصاب الجماعي" أو أن الأمر "تمّ بأمر من حماس"، كما ادّعى الإسرائيليون أو كما نقلت بعض الصحف الأجنبية عن براميلا باتن.

 

وقال التقرير في الفقرة 26: "وجدت اللجنة أن بعض الادعاءات المحددة (السابقة من الصحافيين والإسرائيليين حول قيام حماس بالاغتصاب) كانت كاذبة أو غير دقيقة أو متناقضة مع أدلة أو بيانات أخرى".

 

وفي القراءة المعمقة للتقرير، نجد أنه لا يوجد ذكر لـ"الاغتصاب" إلا مرة واحدة، إذ أكد التقرير أنه لا يوجد دليل على ذلك الادعاء بحق حماس والفصائل الفلسطينية الأخرى. أما بالنسبة إلى "التعذيب الجنسي"، فقد نفى التقرير الادعاءات التي قالت إن الفصائل الفلسطينية قامت به، ولا يوجد أي ذكر في التقرير لأي من الأكاذيب الإسرائيلية الأخرى التي تحدثت عن "السكاكين/المسامير" التي زُعم أنها استخدمت في اعتداءات جنسية قام بها الفلسطينيون.

 

سياسة إسرائيلية ممنهجة بالاغتصاب والتعذيب الجنسي

في المقابل، وفي الفقرات (65- 66-67)، يتحدث التقرير عن أن اللجنة "وثّقت" استهدافات قامت بها "إسرائيل"، وأنها تتضمن "التعذيب الجنسي" و"العنف الجنسي للإناث والذكور" و"الإذلال والتحرش والتعري"... وقد "نُفذت الأفعال الجنسية بالقوة، بما في ذلك تحت التهديد والترهيب وأشكال أخرى من الإكراه، في ظروف قسرية بطبيعتها بسبب النزاع المسلح ووجود جنود إسرائيليين مسلحين".

 

وخلصت اللجنة، استناداً إلى الظروف والسياق الذي أحاط بهذه الأفعال، إلى أن العنف القائم على النوع الاجتماعي الموجه ضد النساء الفلسطينيات كان يهدف إلى إذلال الشعب الفلسطيني ككل.

 

وخلص التحقيق إلى أن النظام الإسرائيلي ينخرط بالفعل في حملة منهجية من العنف الجنسي والجنساني ضد الأطفال والنساء والرجال الفلسطينيين، وأنها حملة متجذرة وجزء من إجراءات الجيش الإسرائيلي العملياتية المعتمدة (فقرة 103).

 

وفي الفقرة 104، يذهب التقرير أبعد من ذلك، إذ يعتبر أنه لا يمكن التخلص من العنف الإسرائيلي الجنسي الناتج من الاحتلال إلا بتفكيك الاحتلال نفسه.

 

ويقول النص: "يشكل العنف الجنسي والعنف القائم على النوع الاجتماعي عنصراً رئيسياً في سوء معاملة الفلسطينيين بهدف إذلال المجتمع بأسره. ويرتبط هذا العنف ارتباطاً جوهرياً بالسياق الأوسع المتمثل في عدم المساواة والاحتلال المطول، والذي وفر الظروف والأساس المنطقي للجرائم القائمة على النوع الاجتماعي من أجل زيادة تفاقم تبعية الشعب المحتل". وتشير اللجنة إلى أنه "يجب معالجة هذه الجرائم من خلال معالجة السبب الجذري لها، من خلال تفكيك الهياكل القمعية التاريخية والنظام المؤسسي للتمييز ضد الفلسطينيين، والتي تشكل جوهر الاحتلال".

 

في المحصلة، وبالرغم من عدم وجود آليات محاسبة تنفيذية تضطلع بها الأمم المتحدة، فإنَّ هذا التقرير والتقارير السابقة التي دفعت الأمم المتحدة إلى وضع "إسرائيل" على اللائحة السوداء بصفتها دولة "تقتل الأطفال"، وكذلك التقارير التي وثّقت قيامها باستهداف متعمد لعمال الإغاثة الدوليين ومقار الأونروا عمداً.. كل هذه التقارير ستقوم برفد المحاكم الدولية التي تنظر في ارتكاب "إسرائيل" إبادة في غزة، وكذلك تجعل الدول أكثر جرأة في إدانتها ومنع تصدير السلاح إليها، وستزيد عزلتها الدولية. 

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق