تنتهي اليوم المرحلة الاولى من الهدنة التي تمّ الاتفاق عليها بين "اسرائيل" و"حماس" في قطاع غزة، والتي استمرت أياماً ساد خلالها هدوء حذر على جبهات متعددة، وحصل تبادل للأسرى الفلسطينيين مقابل افراج "حماس" عن جزء من الرهائن الموجودين لديها.
ويبقى احتمال
تمديد الهدنة قائماً ومتوقعاً بشدة، خاصة بعدما تحدثت الصحف الاسرائيلية يوم
الاثنين في 27 نوفمبر، عن تهرب اسرائيلي من الخدمة ورفض العودة الى قطاع غزة
للقتال بعد الهدنة، واشكالات داخل الجيش، ما يشير الى حاجة اسرائيل لتمديد الهدنة
والسير بحل سياسي.
ولا شك أن الهدنة الاولى التي حصلت تتيح المجال لتقييم الرد
الانتقامي الاسرائيلي منذ 7 اكتوبر وبعده من اعمال قتالية، وما حصل خلال الهدنة،
وذلك كما يلي:
-
في الوضع
العسكري:
بالرغم من الادعاءات الاسرائيلية بانتصارات كبرى في الميدان،
وأنها احتلت الجزء الشمالي بالكامل من قطاع غزة، ودمرت 400 نفق، إلا أن الخرائط
والصور الواردة من غزة تشير الى عدم صحة هذه الادعاءات.
بحسب الخرائط المنشورة عن السيطرة الاسرائيلية على
القطاع والمنشورة في مراكز الابحاث الاميركية المهتمة بدراسات الحرب – وهي مقربة
من اسرائيل- ما تزال اسرائيل تحاصر الحدود الخارجية لشمال غزة، ولم تدخل الى
المناطق المأهولة فيها.
لكن، بالرغم من تلك الخرائط، فإن قيام حماس بتسليم
الدفعة الاخيرة من الرهائن في قلب مدينة غزة (الشمال) وفي شارع فلسطين بالذات، وقيامها
باستعراض قوة داخله وخروج الاهالي لتحية المقاتلين، يشير الى أن تلك الخرائط أيضاً
غير دقيقة حالياً، وان اسرائيل، على ما يبدو، كانت تتوغل ثم تنسحب مجدداً، وأن ما
اعلنته عن تهجير كامل وتصفية المقاومة في شمال غزة غير صحيح.
وهنا، يمكن القول، أن لا انجاز عسكرياً كبيراً يُحسب
لاسرائيل، وذلك بالرغم من أنها قصفت غزة بكميات هائلة "غير مسبوقة" من القنابل، لمدة 3 اسابيع
قبل الدخول البري، ثم استمر التوغل شهراً، ليحقق نتائج أقل من متواضعة.
-
في الوضع
السياسي:
لقد أعلن نتنياهو وأركان مجلس الحرب، أهدافاً لهذه الحرب
تتجلى في: القضاء على حماس، عدم التفاوض لتحرير الرهائن بل تحريرهم بالقوة، وتهجير
كامل لأهل غزة من القطاع، واعادة احتلاله.
بعد حوالى 50 يوماً من القتال، لم يستطع الاسرائيليون
القضاء على حماس، ورضخوا للمطالب بالتفاوض لتحرير الرهائن، ولم يحققوا هدف اقامة
"نكبة جديدة"، وما زال أمامهم الكثير من الأشهر الطويلة ليحتلوا القطاع
(هذا اذا استطاعوا بالأساس).
في المقابل، تغيّر الرأي العام العالمي بعد مشاهد القتل
والدمار غير المسبوق في غزة، وخرجت الاصوات تلك التي دعمت اسرائيل بدون قيد أو
شرط، لتشير الى أن ما حصل من قتل غير مقبول، وسقطت السرديات الاعلامية الاسرائيلية
بعد كشف زيفها.
في النتيجة، لا شك أن الكلفة البشرية التي تكبّدها الفلسطينيون هائلة وكبيرة جداً، والدمار الواسع واخراج المستشفيات عن العمل وتدمير البنى التحتية الذي حصل للقطاع غير مسبوق، لكن اسرائيل لم تربح شيئاً من هذا التدمير الانتقامي، بل قد يكون انعكس سلباً عليها في تقديم صورة "الضحية" التي لطالما استخدمتها في الخارج.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق