يعيش لبنان اليوم على وقع حدث
جديد يتجلى في النقاشات التي تشهدها أورقة مجلس الامن الدولي، في معرض التجديد
لقوات الطوارئ الدولية العاملة في جنوب لبنان (اليونفيل)، حيث تطالب بعض الدول
الغربية ومنها فرنسا، بتحويل القرار 1701، الى الفصل السابع من ميثاق الامم المتحدة
الذي يتيح للقوات الدولية استخدام القوة لتنفيذ مهامها.
وكان لبنان في السنة الماضية
قد تقاعس عن مواجهة تعديل مهام اليونيفيل في القرار الذي صدر عام 2022، والذي أعطى
اليونيفيل حرية الحركة وعدم التنسيق مع الجيش اللبناني في القيام بمهامها، أما هذه
السنة فيحاول الوزير عبد الله بو حبيب أن يعيد الامور الى ما قبل سنة 2022، أي
إلغاء الفقرة التي تمت إضافتها ومنع الدول الغربية من تحويل القرار من الفصل
السادس الى الفصل السابع.
عملياً، من الصعب أن يستطيع
لبنان هذه السنة إعادة الامور الى الوراء وإعادة النص السابق الى سابق عهده، بعدما
وافق عليه أعضاء مجلس الامن الدولي بالاجماع، السنة المنصرمة.
أما موضوع "الفصل السابع" فيبقى رهناً
بالفيتو الذي يمكن أن يرفعه كل من روسيا والصين، في حال إصرار الدول الغربية على
فرضه للتصويت، وهنا ندرج بعض الملاحظات:
1- في حال الخلاف
على موضوع الفصل السابع وممارسة حق الفيتو، سيصبح موضوع التمديد لليونيفيل موضوعاً
إشكالياً بين الدول الكبرى، ومادة في الصراع الدولي الدائر بين محور الصين – روسيا
ومحور الدول الغربية، وهذا سيضرّ بلبنان وبمهمة اليونيفيل في الجنوب اللبناني ككل.
2- اللافت أن فرنسا
التي يسعى اليها البعض اليوم، لتسوّق له مصالحه في لبنان ولدعمه دولياً وفي اللقاء
الخماسي من أجل لبنان، هي التي تقدم قراراً لتعديل مهام اليونفيل ما قد يحوّل
الجنوب اللبناني الى ساحة اقتتال بين الاهالي واليونيفيل في حال اقراره واصرار
اليونفيل على تطبيقه.
3- تشكّل حاجة لبنان
لكل من الصين وروسيا لممارسة الفيتو على مشروع القرار الفرنسي الجديد بتحويل عمل
اليونيفيل الى إطار الفصل السابع، إشكالية تنطّح وزارة الخارجية اللبنانية لإصدار
بيان شديد اللهجة في 24 شباط/فبراير 2022، تدين فيه "الاجتياح الروسي للأراضي
الأوكرانية"، ودعت في البيان روسيا إلى "وقف العمليات العسكرية فوراً
وسحب قواتها والعودة لمنطق الحوار والتفاوض كوسيلة أمثل لحل النزاع القائم".
وعليه، كيف يمكن لوزارة
الخارجية اللبنانية أن تطلب الدعم من الروس الآن في وقت قامت باتخاذ موقف معادٍ
للروس وهو لم يقم به العديد من الدول الكبرى الحليفة للولايات المتحدة الأميركية؟
وكيف لم تنتبه الخارجية
اللبنانية الى أن لبنان الدولة الصغيرة التي تتجاذبها المصالح الدولية، ستحتاج الى
كل الصداقات الدولية بدون استثناء، ولعل المعركة الدبلوماسية في الامم المتحدة
اليوم، أحدها وليس نهايتها.
في المحصلة، يوماً بعد يوم يكتشف لبنان أن من مصلحته استخدام التوازن الدولي والنأي بالنفس وعدم زجّ نفسه بالصراعات الاقليمية والدولية التي لا تعنيه مباشرة، فباستثناء الصراع مع اسرائيل والخطر الأمني القادم من سوريا، من الافضل للبنان الابتعاد عن سياسة المحاور والاستقطاب الدولي لحفظ نفسه في نظام دولي فوضوي يتجه بسرعة الى التبدل.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق