في ذكرى مرور سنوات ثلاث على تفجير مرفأ بيروت في 4 آب / أغسطس عام 2020، وبالتزامن مع قرب انتهاء الاشكالات الامنية في مخيم "عين الحلوة" للاجئين الفلسطينيين في جنوب لبنان، قامت سفارة المملكة العربية السعودية في لبنان بإصدار بيان تحذيري عند منتصف الليل، تدعو مواطنيها الى الى مغادرة الأراضي اللبنانية بسرعة، وتُحذّرهم من التواجد والاقتراب من المناطق التي تشهد نزاعاتٍ مسلحة. مباشرة، سارعت بعض الدول الأخرى الى مناشدة مواطنيها بالابتعاد عن مناطق النزاعات والتوترات ومنهم الكويت وألمانيا,
أثار البيان السعودي
التكهنات والتحليلات حول المعطيات التي دفعت السفارة الى إصدار بيان كهذا، في ظل
الحظر السعودي على سفر المواطنين الى لبنان إلا بإذن من السلطات المختصة والصادر في أيار/مايو من عام 2021، والذي ما زال مستمراً لغاية اليوم، كما أثار قلق
العديد من اللبنانيين والخليجيين المتواجدين في لبنان، خوفاً من أن يكون هناك
معلومات أمنية بقرب حصول اشكالات وفوضى أمنية في لبنان.
تؤكد المعطيات الأمنية
والسياسية أن لا شيء يستدعي خروج الأجانب بسرعة من لبنان، فلا شيء يوحي بقرب فوضى
أمنية ولا بوادر حرب اسرائيلية على لبنان في ظل الردع الذي حققه لبنان. وعليه، إن
الأمر يبدو مرتبطاً بالضغوط السياسية التي تمارسها الدول الخليجية على لبنان،
وتوتر العلاقات اللبنانية الخليجية والتي تمر بأسوأ مراحلها منذ بدء الحرب
السورية.
وفي سياق آخر، شهدت
نهاية الأسبوع الماضي، تصعيد كلامي بين وزير الاقتصاد اللبناني أمين سلام ووزير
الخارجية الكويتي على خلفية مناشدة الوزير سلام أمير الكويت بمساعدة لبنان على
بناء اهراءات القمح، وأنه قادر على ذلك بـ"شحطة قلم"، وهي العبارة التي
أثارت استياءً كويتياً.
وبغض النظر عن
الشكليات والبروتوكول، لا شكّ أن العلاقات اللبنانية الخليجية ليست طبيعية، وهذه
المناشدات بالمساعدة سواء من رئيس الحكومة نجيب الميقاتي أو من بعض الوزراء لن تجد
لها آذاناً صاغية في هذه المرحلة، لأسباب عدّة أهمها:
-
لن تقوم الدول في العالم بمساعدة لبنان مادياً، في وقت
ترفض فيه الطبقة السياسية القيام بأي اصلاحات نقدية ومالية، وفي ظل التستر على
تقرير التدقيق الجنائي الذي كان من المفترض أن يكشف مصير الأموال المنهوبة من مصرف
لبنان ومن الوزارات اللبنانية كافة.
-
لن تقوم دول الخليج ولا دول العالم بمساعدة لبنان، في
وقت تبدو فيه المالية اللبنانية كسلة مثقوبة، حيث تضيع الأموال لتجد ملاذها في
النهاية في جيوب المسؤولين.
-
لن يساعد أحد لبنان، في ظل غياب المساءلة وحكم القانون،
حيث حصلت فيه سرقة القرن لودائع الناس بدون ان يتمّ تحويل أي شخص على المحاكمة ولا
مساءلة أي شخص، بل قامت الطبقة السياسية بحماية حاكم المصرف المركزي رياض سلامة من
المحاكمة، وحمت البنوك من المساءلة وتهربت من أي تدقيق ومساءلة وحصل الافلات من
العقاب.
هذا في الشق المالي والاصلاحي ومكافحة الفساد، أما في الشق السياسي، فلن تقوم دول الخليج بمساعدة لبنان بدون تنازلات سياسية لبنانية. لقد التزمت دول الخليج بشكل عام بالموقف السعودي تجاه لبنان، وبالتالي لن يكون هناك أي انفراج في العلاقات اللبنانية الخليجية بدون قيام تسوية سياسية تعيد توازن النفوذ الاقليمي في لبنان، ولو بحده الأدنى. لقد شعرت السعودية بأن نفوذها تآكل تدريجياً في لبنان منذ اغتيال الرئيس رفيق الحريري، ثم فيما بعد، خلال مرحلة الربيع العربي، والحرب السورية، وبالتالي لن تعيد علاقاتها مع لبنان بدون نفوذ سياسي لها فيه، تريد أن تحققه من التسوية المرتقبة بعد حصول الفراغ الرئاسي.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق