يعيش لبنان منذ عام 2019، أزمات مالية واقتصادية واجتماعية غير مسبوقة، أدّت الى إفقار اللبنانيين وتجويع الجزء الأكبر منهم، وهجرة الشباب، وتوقف وانهيار الإدارات والمؤسسات العامة الخ..
وفي ظل هذه الازمة المتفاقمة، يجد اللبناني نفسه مكبلاً بعوامل عدّة، ابرزها:
- عدم القدرة على التغيير:
إذا كان من المفترض في هذه الحالات أن يثور الشعب ويطيح بحكامه، فإن الشعب اللبناني لا يثور خوفاً من أن تؤدي ثورة جديدة الى تعميق أزمته الاقتصادية، فالتجربة "الثورية" التي خبرها عام 2019، وقيام البنوك بالاقفال وتهريب الاموال وحجز الودائع، وانهيار العملة.. كلها أدّت الى فقدانه أي رغبة في النزول الى الشارع مجدداً.
هذا بالاضافة الى أن أي ثورة تحتاج الى دعم مادي واقليمي ودولي لكي تستمر، ولا يبدو أن الخارج يراهن على نجاح أي تحرك شعبي في تنفيذ تغيير لمصلحته في البلاد، ليدعم قيام ثورة جديدة بعد فشل السابقة في تحقيق أي هدف يذكر.
- إعادة الطبقة السياسية عبر الانتخابات:
بالرغم من كل الآمال التي كانت معقودة على الانتخابات للتغيير في لبنان، إلا أن الانتخابات النيابية أعادت رسم نفس الخريطة السياسية وأعادت – تقريباً- نفس الوجوه السياسية. وبالرغم من الامال المعقودة على التغيير، لم يستطع نواب التغيير أن يقدموا – حتى الآن- تجربة مختلفة عن الطبقة السياسية السائدة في العمل البرلماني والسياسي.
- فرض التسوية من الخارج:
تشير التجارب في لبنان منذ عام 2005، ولغاية اليوم الى أن الفراغ الرئاسي والتعطيل كانا من الركائز الأساسية التي شهدتها البلاد منذ خروج الجيش السوري.
وفي تجربة الفراغ الرئاسي، نجد أن تجربتي الفراغ قد تمّ حلّهما أمام بانفجار داخلي واقتتال أهلي، أدّى الى تسوية خارجية انسحبت على الداخل اللبناني وهي تجربة "تسوية الدوحة"، أو أن موازين القوى في المنطقة قد تغيّرت بشكل كبير، وفرضت الظروف الخارجية على الخارج قبول تسوية بين اللبنانيين وهي تسوية عام 2016، بين التيار الوطني الحر وتيار المستقبل وبدعم من حزب الله.
واليوم، يبدو أن الاقتتال الاهلي أو الانفجار الداخلي غير متاح، وذلك بسبب غياب القدرة على ذلك، ولأن الخارج والاقليم غير معني بتفجير الاوضاع في لبنان في وقت يتجه العرب الى المصالحات وتتجه الدول الاقليمية التي تفاهمات بينية، ستنسحب أيجاباً على كل ملفات الصراع في المنطقة وتهدئة الحروب بالوكالة بينها.
وعليه، لا مفر أمام اللبنانيين من الذهاب الى حوار بدون شروط مسبقة وبدون سقوف عالية. لكن هذا الحوار لا يجب أن يكون للاتفاق على رئاسة الجمهورية والحكومة والحصص الوزارية فحسب، بل على برنامج اصلاحي شامل، يؤسس لمرحلة جديدة، تعاد فيها الثقة للمؤسسات، ويفرج عن أموال المودعين، وتسود فيها حكم القانون بحيث يتم محاسبة جميع منتهكي القانون وسارقي المال العام... بدون هذا البرنامح، سيبقى لبنان دولة فاشلة تسير "وعين الله ترعاها".
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق