ليلى نقولا
بالرغم من تأكيد البيان المشترك الصادر عن الاجتماع في دورته العشرين أن الدول المشاركة في اللقاءات اتفقت على عقد جولة جديدة قبل نهاية عام 2023، كان الاعلان الكازاخي عن انتهاء مسار "أستانا" الذي بات يقود مسار المصالحة التركية السورية مفاجئاً للعديد من المراقبين، وذلك لأن المسار يكاد ينتج اتفاقاً تركياً – سورياً بات اليوم أقرب من أي وقت مضى.
وبالرغم من بعض الاحاديث الاعلامية المعارضة التي أعادت أسباب إنهاء المسار بصيغته الحالية الى خلافات بين كازاخستان وروسيا وعدم رغبة كازاخستان في تحدي الولايات المتحدة، وأن هذا مؤشر على تعثّر المسار وفشله وأنه لم يعد يقدم اي شيء.. لكن المؤشرات حول الملف السوري تجعل من تغيير المكان عاملاً في توسعه و- ربما – تقدمه بشكل أوسع، وذلك من خلال دمجه مع المسار العربي للحل، وذلك بناءً على رغبة موسكو وعدم اعتراض أميركي، للأسباب التالية:
- منذ عودة سوريا الى محيطها العربي، تهتم الدول الكبرى والاقليمية المعنية بالشأن السوري الى إعطاء مزيد من الزخم للانخراط العربي في مسار المصالحة السورية، وعدم إيجاد تضارب أو فتح مسارات متعددة للحل، بل حصرها بمسار واحد تنضوي تحته جميع المسارات التي تسعى لحلّ المشاكل المتشعبة والمعقدة.
- الاعتقاد السائد لدى الدول الفاعلة بأن المسار العربي بات الأقدر والأفعل على إيجاد صيغ حلٍ مقبولة في سوريا، خاصة بعد التقارب السعودي الايراني الذي باستطاعته أن يذلل الكثير من العقبات التي كانت مطروحة سابقاً.
- تسعى موسكو الى توحيد المسارات ودمجها وذلك لقطع الطريق على العراقيل الاوروبية لمسار المصالحة والتطبيع مع النظام السوري، فبعد إنهاء "مسار أستانا" ودمجه بالمسار العربي، يتم إنهاء "مسار جنيف" الذي ودمجه بالمسار العربي أيضاً.
- تريد روسيا إنهاء المسار الاوروبي (جنيف) ونقل التفاوض من سويسرا بسبب الموقف العدائي السويسري المتضامن مع عقوبات الاتحاد الاوروبي (بعد حرب أوكرانيا)، بالاضافة الى نزع ورقة من يد الاوروبيين الذين يحاولون استخدام مسار جنيف الدبلوماسي "المعطّل" وورقة عودة اللاجئين لوقف مسار الحل في سوريا، ولتحقيق مكاسب سياسية لم يستطيعوا الحصول عليها في الميدان.
- ضوء أخضر صريح من الأميركيين للدول العربية الخليجية بالاستمرار بمسار التقارب مع سوريا، وذلك في تصريح لوزير الخارجية الأميركي (حسم الجدل) قال فيه أن الأميركيين متفقين بالاهداف مع ما يقوم به العرب في سوريا، وأنهم (أي الأميركيين) لن يطبعوا مع النظام السوري ولكنهم يفسحون بالمجال للعرب لتطبيق تلك الاهداف من خلال المسار الدبلوماسي الذين يقومون به.
- رغبة أميركية غربية اسرائيلية في إعطاء زخم للمبادرة العربية أملاً في أن يحقق العرب توازناً مقبولاً في سوريا يحدّ من النفوذ الايراني، ويساعد السوريين على تطبيق مبادرة "خطوة مقابل خطوة".
- قدرة العرب على تمويل أي حلٍ يعيد اللاجئين الى ديارهم، وقدرتهم على إعطاء حوافز للحكومة السورية لانحراط أكبر في مسار المصالحات وذلك عبر دعم حكومي وتمويل مشاريع إعادة الاعمار.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق