2023/05/29

فوز إردوغان: نجاح استراتيجية "التحوّط" الاستراتيجي

أعلن الرئيس التركي رجب طيب إردوغان فوزه بجولة الإعادة في انتخابات الرئاسة التركية على منافسه كمال كليجدار أوغلو، وتوجه بالشكر إلى الشعب التركي، خلال المؤتمر الشعبي الذي عقده في مدينة إسطنبول، على تجديد الثقة به وتحميله المسؤولية لفترة رئاسية جديدة.

 

داخلياً، وعلى الرغم من أن المعارضة استطاعت أن تحقق إنجازاً كبيراً لتقارب النتائج بين إردوغان ومنافسه، فإنَّ فوز إردوغان بفترة رئاسية ثانية يعني أنَّ حزب العدالة والتنمية ما زال يحظى بشعبية واسعة داخل المجتمع التركي، رغم كل المصاعب الاقتصادية وتأثير الزلزال وانهيار سعر صرف الليرة والتضخم الذي تشهده تركيا، والذي ألقى بظله على الانتخابات الحالية.

 

أما خارجياً، فكان واضحاً أن الغرب كان يميل بشكل عام إلى كليجدار أوغلو ويعوّل على هزيمة إردوغان لتحقيق العديد من المكاسب، منها إبعاد تركيا عن روسيا والصين، والسماح للسويد بدخول حلف الناتو، وغيرها من الأهداف التي كان الأوروبيون والأميركيون يمنّون النفس بهزيمة لإردوغان لتحقيقها.

 

وبما أنَّ النجاح حالف إردوغان، فهذا يعني أن الشعب التركي منحه تفويضاً للوفاء بما كان قد وعد به خلال فترة الترشح، ومنحه الثقة للاستمرار بالسياسة الخارجية التي يعتمدها، ومنها سياسة "التحوّط" الاستراتيجي التي كان قد بدأها بعد فشل محاولة الانقلاب عام 2016.

 

ما هي استراتيجية "التحوّط" الاستراتيجي؟

استعار باحثو العلاقات الدولية مصطلح "التحوّط" من الدراسات المالية. التحوط المالي هو طريقة لتقليل مخاطر الخسارة الناجمة عن تقلبات الأسعار في الأسواق، وهي تتلخص بشراء أو بيع كميات متساوية من السلع نفسها أو سلع متشابهة جداً في وقت واحد تقريباً، في سوقين مختلفين، مع توقّع أن التغيير المستقبلي في السعر في إحدى الأسواق سيعوّضه تغيير معاكس في السوق الأخرى. وبالتالي، يأمل المتحوّط حماية نفسه من الخسارة الناتجة من تغيرات الأسعار عن طريق تحويل "المخاطرة" إلى "مضاربة" تعتمد على مهارته في التنبؤ بحركة الأسعار.

 

أما في العلاقات الدولية، فإن نظرية "التحوّط الاستراتيجي" تعني اتخاذ دولة ما (دولة متوسطة أو صغيرة) خياراً وسطياً متوازناً يستخدم مبادئ التوازن الاستراتيجي الصلب والناعم، وذلك عبر اعتماد سلسلة من الخيارات تقوم على مزيج من التعاون والمواجهة لمصدر التهديد.

 

وهكذا، تحتسب الدولة "المتحوطة" خياراتها تجاه التهديدات المتزايدة لأمنها، فتجد أنَّ القدرات غير متناسبة بينها وبين الدولة المهدِدة، وبالتالي تجد أنها غير قادرة على تغيير موازين القوى لمصلحتها، فتقوم بمزيد من التعاون مع مصدر التهديد لتجنّب الدخول في صراع غير متكافئ. وفي الوقت نفسه، تقوم بمواجهة التهديد عبر تطوير قدراتها العسكرية والانخراط في تحالفات سياسية أو عسكرية مع الدول المنافِسة لمصدر التهديد.

 

باختصار، هناك عاملان أساسيان لفهم سياسة التحوّط: أولاً، يحدث التحوط عند التعرض لتهديدات ومخاطر لا يمكن السيطرة عليها أو تغييرها. ثانياً، التحوط هو العمل في اتجاهين معاكسين في وقت واحد.

 

الخيار التركي باعتماد استراتيجية التحوّط

بعد تدخّل الأتراك في سوريا، ومحاولة إردوغان جرّ حلف الناتو إلى استخدام المادة 5، وإحجام الناتو عن مجاراة تركيا في تدخلها العسكري المباشر في سوريا، قام الأتراك بإسقاط طائرة روسية في سوريا، فردّ الروس بعقوبات اقتصادية أضرّت الاقتصاد التركي الذي يعتمد على الغاز الروسي والسياحة والتجارة مع الروس وغير ذلك، ثم كان عام 2016 مفصلياً، إذ جرت محاولة انقلاب فاشلة ضد إردوغان، اتهم بعدها قاعدة "أنجرليك" لحلف الناتو بأنها كانت وراء الانقلاب، وأن الأميركيين ساهموا في التخطيط والتحضير له.

 

توترت العلاقة بين الأتراك والأميركيين، وزاد التوتر بعد إعلان إردوغان رغبته في شراء منظومة دفاع "أس 400"، الأمر الذي اعتبره الأميركيون مساساً بأمن حلف الناتو، فهددوا تركيا بعقوبات، وتراجعوا عن صفقة طائرات "أف 35"، كانت تركيا مساهمة فيها. وفي وقت لاحق، هدد الرئيس الأميركي السابق دونالد ترامب بفرض عقوبات على الأتراك في حال لم يطلقوا سراح أحد الأميركيين الذين تتهمهم تركيا بالضلوع بمحاولة الانقلاب.

 

وعلى الرغم من تباين العلاقة بين روسيا وتركيا في سوريا، إذ تدعم روسيا الحكومة السورية، فيما تدعم تركيا الجماعات المسلحة المناهضة للرئيس السوري بشار الأسد، وعلى الرغم من التباين في قضية القرم، وخصوصاً قضية التتار، والتباين في الموقف من الحرب بين أرمينيا وأذربيجان والحرب الأوكرانية... فقد دفعت استراتيجية التحوّط التركية ضد التهديد الأميركي (الحليف في حلف الناتو) إلى تقارب مع روسيا تجلى في تدشين أنبوب "السيل التركي"، والسير بمسار أستانة - سوتشي للحل في سوريا، ومؤخراً قيام كلّ من إيران وروسيا برعاية مصالحة بين الأتراك والسوريين تمهّد لخروج القوات التركية من سوريا وإعادة اللاجئين السوريين إلى بلادهم.

 

وهكذا، عوّل الغرب على نجاح كليجدار أوغلو لإخراج تركيا من سياسة التحوّط الاستراتيجي التي يتبعها إردوغان، ولإعادتها إلى سابق عهدها؛ دولة تابعة في حلف الناتو تسير في فلك الولايات المتحدة، كما كانت خلال فترة الحرب الباردة. وراهن الأوروبيون على قدرتهم على أخذ المكاسب من كليجدار أوغلو مع إعلان رغبته في العودة إلى السياسة الخارجية التركية القديمة الساعية إلى الدخول في الاتحاد الأوروبي.

 

لكنّ النتيجة أتت مغايرة لما يتمناه الغرب، وفاز إردوغان في الانتخابات الرئاسية في تركيا، وحصد تحالف حزبه مع الأحزاب الأخرى غالبية مقاعد البرلمان التركي. وبالتالي، من المتوقع أن تستمر سياسة "التحوّط" الاستراتيجي التي اعتمدها، ومن المتوقع أيضاً أن نشهد تسارعاً في المصالحة التركية السورية، ما سيؤدي إلى استقرار أكبر في منطقة الشرق الأوسط، وفي استقرار سوريا بعد عودتها إلى الجامعة العربية.

اللاجئون السوريون: دقت ساعة العودة

بفوز أردوغان بانتخابات الرئاسة التركية، ستعاود الاجتماعات التنسيقية والتحضيرية لمصالحة تركية سورية، وذلك بدعم روسي إيراني، بعدما أدّى مسار المصالحة الى اجتماع  وزراء الخارجية مطلع شهر أيار/ مايو الجاري.

واتفق وزراء خارجية روسيا وتركيا وإيران وسوريا في اجتماع رباعي في موسكو على تكليف نوابهم "لإعداد خريطة طريق لتطوير العلاقات بين تركيا وسوريا، بالتنسيق مع وزارات الدفاع والاستخبارات للدول الأربع"، واقترح وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف بأن تقوم كل دولة (سوريا- تركيا) بتحديد القضايا ذات الأولوية بالنسبة لهما.

لا شكّ، تشكّل الأولوية بالنسبة لسوريا استعادة سيطرتها على كامل أراضي البلاد، وانسحاب الجيش التركي من جميع الأراضي السورية، بينما تنطلق الاولويات التركية من ضمان أمن الحدود بين سوريا وتركيا والتي يبلغ طولها 900 كلم حيث تعتبر تركيا أن وجود حزب العمال الكردستاني في شمال شرق سوريا وسيطرته على اجزاء واسعة من الراضي السورية تهديداً للأمن القومي التركي، وفي مرتبة موازية في الأهمية تشكّل عودة اللاجئين السوريين في تركيا الى بلادهم أولوية للحكم في تركيا بعدما تصاعدت موجات الكراهية للسوريين في الداخل التركي.

وكان  لافروف قد شدد على "أن تسهيل العودة الآمنة والطوعية للاجئين والنازحين السوريين إلى مكان إقاماتهم الدائم يعد مبدأ أساسياً في المفاوضات".

هذا على الجانب التركي، أما على الجانب العربي، فقد ركزت اللقاءات الثنائية واجتماعات الجامعة العربية على ضرورة إيلاء بند العودة الطوعية والآمنة للاجئين السوريين إلى بلادهم أولوية قصوى، وكان بيان جدّة وبيان وزراء الخارجية العرب  قد أكدوا على ضرورة إعادة اللاجئين الى بلادهم والى تطبيق "بيان عمان" في هذا الاطار.

وتضمن بيان عمان، الذي صدر عن اللقاء التشاوري لوزراء خارجية السعودية ومصر والأردن والعراق وسوريا، بنوداً أساسية وخطة طريق لإعادة اللاجئين السوريين، جاء فيها:

-         العودة الطوعية للاجئين السوريين أولوية قصوى يجب اتخاذ الخطوات اللازمة لبدء تنفيذها فورًا.

-        تعزيز التعاون بين الحكومة السورية والدول المستضيفة للاجئين والتنسيق مع الهيئات الأممية لتنظيم عمليات عودة طوعية وآمنة للاجئين.

-         تبدأ الحكومة السورية بتحديد الاحتياجات اللازمة لتحسين الخدمات العامة المقدمة في مناطق عودة اللاجئين للنظر في توفير مساهمات عربية ودولية فيها.

-        العمل على تسريع تنفيذ مشاريع التعافي المبكر، بما في ذلك في المناطق التي يتوقع عودة اللاجئين إليها.

-        التعاون بين سوريا والاردن لتنظيم عودة طوعية لنحو ألف لاجئ سوري من الأردن، تضمن الحكومة السورية توفير الظروف والمتطلبات اللازمة لعودتهم، وتقوم هيئات الأمم المتحدة بتوفير احتياجاتهم الحياتية.


أما الموقف الأوروبي من قضية عودة اللاجئين السوريين الى بلادهم، فلم يتغير. فالموقف الرسمي للاتحاد الاوروبي يقول أن عودة اللاجئين السوريين يجب أن تترافق مع انتقال سياسي في البلاد، وذلك بحسب بيان جنيف 2012، وتشكيل حكومة انتقالية. وبما أن هذا الشرط لم يتحقق، فالاتحاد ضد إعادة اللاجئين الى سوريا، وعلى الدول المضيفة الاستمرار في استقبالهم، بل ودمجهم في المجتمعات المضيفة وتأمين مقومات الحياة والاستقرار لهم.

هذا في المواقف، أما في الواقع، فالتطورات تتسارع ولم تعد الدول الفاعلة في الشرق الاوسط تنتظر الموقف الاوروبي من عودة اللاجئين السوريين. ومن سخرية القدر أن الاوروبيين الذين يحتفظون بورقة اللاجئين للضغط على النظام لتقديم تنازلات سياسية للمعارضة، وجدوا أن هذه الورقة انتقلت من يدهم الى يد الحكومة السورية التي تستخدمها لحصد التنازلات من دول الجوار وأهمهم تركيا.

وحدها الحكومة اللبنانية تبدو متمهلة منتظرة ضوءًا أخضر أوروبياً أو أميركياً يسمح لها بالسعي لمحادثات بينها وبين الحكومة السورية لإعادة اللاجئين، وعلى ما يبدو لن يأتي... وبغيابه، سيظهر العقم اللبناني بأبهى تجلياته. 

2023/05/22

مناورة حزب الله...اسرائيل تدرس العقيدة الروسية لحزب الله

مناورة حزب الله...اسرائيل تدرس العقيدة الروسية لحزب الله

بحضور إعلامي محلي وأجنبي، أقام حزب الله مناورة عسكرية بالذخيرة الحيّة في بلدة عرمتى الجنوبية في لبنان، استعرض فيها قدرات مقاتليه والأسلحة التي يملكها، وقدَّم محاكاة لهجمات بالطائرات المسيّرة، وسيناريو اقتحام مستوطنة إسرائيليّة، ونفّذ عملية اقتحام الشريط الحدودي وهدم جدار مشابه لذاك الذي وضعته "إسرائيل" مع لبنان، إذ قام المقاتلون بالعبور منه إلى الداخل الإسرائيلي، إضافةً إلى مهاجمة عربات عسكرية سحبوا "جثة" من إحداها ونقلوها عبر الحدود، فيما يبدو أنه تنفيذ ومحاكاة لعملية أسر جنود إسرائيليين.

تعدّدت التفسيرات والتأويلات في لبنان والخارج، وفي "إسرائيل"، لأهداف العملية والرسائل التي أراد حزب الله إرسالها من خلالها، علماً أنها ليست المناورة الأولى التي يقوم بها، فقد سبقتها مناورات أخرى، ومنها -على سبيل المثال- المناورة التي حصلت في بلدة القصير السورية بعد تحقيق الانتصار فيها عام 2013.

وتأتي مناورة حزب الله في لبنان، في وقت أجرت "إسرائيل" في الآونة الأخيرة مناورة بعنوان "شمس زرقاء" في قبرص، بعد مناورة السنة الماضية التي حملت عنوان "مركبات النار"، وهي من ضمن مناورات إسرائيلية سنوية تقام في قبرص، التي تمّ اختيارها لإقامة تدريبات في بيئة جغرافية مشابهة للجنوب اللبناني. ومن المفيد النظر إليها وإلى دلالتها لسبر رسائل حزب الله الحربية المضادة.

أولاً: تسمية "مركبات النار"

منذ المؤتمر الصهيوني الأول، يحاول الإسرائيليون التركيز على البعد الديني، ويغلّفون كل ما يقومون به، حتى الحروب والقتل والتهجير، باستعارات دينية.

أما تسمية "مركبات النار"، فتشير إلى أسطورة توراتية، إذ قام الله بحماية النبي اليشع بعدما أحاط به وبالمدينة جيش عظيم من الأعداء، فصلّى اليشع وطلب معجزة من الله. بعدها، قام الله بإرسال "الخيول ومركبات النار" لحمايته

وبالاستناد إلى هذه الاستعارة، يهدف الإسرائيليون إلى محاكاة البعد الإيماني - التوراتي لدى الجمهور عبر إعطاء حروب الاحتلال والسيطرة بعداً دينياً عقائدياً.

ثانياً: مواجهة العقيدة الروسية لحزب الله

بالعودة إلى هدف المناورات في قبرص، يشير الإسرائيليون إلى أنها تحاكي حرباً طويلة ومكثّفة على جبهات متعددة تحاول الاستفادة من دروس حرب تموز 2006، ودروس الحرب مع غزة عام 2021، ودروس الحرب الأوكرانية التي انكبّ الإسرائيليون على دراستها بعمق.

يقول الإسرائيليون إنهم درسوا العقيدة العسكرية الروسية، وهي عقيدة مركزية وجامدة، وكيف أن حزب الله، الذي قاتل جنباً إلى جنب مع القوات الروسية في سوريا خلال الحرب، قام بدمج العقيدة الروسية مع عقيدته الأساسية، وأنه تعلّم من الروس التخطيط والتصميم للعمليات، إضافة إلى دمج قدرات أكثر تقدماً في عقيدته.

لذلك، سيدمج الإسرائيليون في مناوراتهم ما تعلّموه من مواجهة حزب الله في لبنان، إضافة إلى الدروس والعبر من الحرب الأوكرانية والأداء العسكري الروسي فيها، وذلك لمواجهة التقدم النوعي الذي حققه حزب الله بعد الحرب السورية.

وبناء عليه، تقوم المناورات الإسرائيلية على تدريبات مشتركة لذراعي الجو والبر، تشمل تدريبات على خوض قتال في مناطق لبنانية وعرة ومعقدة وغير معروفة للمقاتلين، كما يجري التدرب على نقل الجنود جواً وإنزالهم إلى أرض المعركة، إضافة إلى اختبار مستوى التنسيق بين ذراعي الجو والبرّ.

ثالثاً: التركيز على الحرب البرّية

وفي دراسة لعِبَر حرب تموز، أدرك الإسرائيليون وجوب تطوير قدرتهم على الاقتحام البرّي، بعدما تبين أنَّ القصف الجوّي لبنك واسع من الأهداف لا يمكن أن يحقّق وحده انتصاراً في المعركة.

ويعتبر الإسرائيليون أن "الجيش" الإسرائيلي، في حال نشوب حرب واسعة النطاق ومتعددة الجبهات، سيحتاج إلى إغراق الطرق السريعة في جميع أنحاء البلاد بقوافل من المركبات المدرعة والدبابات، وحماية القوافل العسكرية من أعمال الشغب داخل "إسرائيل".

وهنا، يمكن أن تُفهم إحدى رسائل حزب الله من خلال مناورته الحيّة الأخيرة، إذ اعتبر الإعلام الإسرائيلي أن المناورة "كشفت أن قدرات حزب الله البرية تنامت بشكل كبير، ما يعني قدرته على إعاقة أي تقدم برّي إسرائيلي مستقبلي"، وأشار البعض الآخر إلى أن "تشكيلات الراجمات المتعددة الفوهات المحمولة على سيارات متحركة التي عرضها حزب الله، والتي تستطيع إطلاق الكثير من النيران، ستشكّل تحدياً لمنظومات القبة الحديدية"، كما أشار أحد المعلّقين الإسرائيليين.

رابعاً: معالجة القصور اللوجستي

يذكر "الجيش" الإسرائيلي أنّه تعلّم من الفوضى التي أحاطت بالخدمات اللوجستية التي سمحت للجيش الأوكراني بتدمير آلاف الدبابات والمنصات الروسية في بداية الحرب.

وكان "الجيش" الإسرائيلي قد واجه مشكلات لوجستية خلال عدة حروب؛ فخلال حرب تموز -على سبيل المثال- واجه الإسرائيليون صعوبة في إيصال الإمدادات إلى قواتهم على الأرض، وعانت القوات الإسرائيلية نقصاً الغذاء في حربها مع غزة عام 2012. وبناء عليه، من المنطقي أن يقوم حزب الله بتدريب عناصره على قطع الإمداد اللوجستي العسكري والغذائي في أي حرب مقبلة.

 في الحصيلة، لا شكّ في أنَّ الإسرائيليين سيدرسون بدقة ويستخلصون العبر من مناورة حزب الله الرمزية التي سُمح لوسائل الإعلام المحلية والأجنبية بتغطيتها، وهو أمر يهدف منه إلى توسيع إطار الرسائل إلى أبعد مما هو معتاد بين لبنان و"إسرائيل"، ويسلط الضوء على حجم قدراته الهجومية، إضافة إلى قدراته الدفاعية، للقول إنّ أي حرب مقبلة لن تحصل على الأراضي اللبنانية فحسب.

ملاحظات ثلاث على هامش القمة العربية


ليلى نقولا

نجحت القمة العربية المنعقدة في جدة في "لم شمل" العرب بدعم من المملكة العربية السعودية التي تتبنى سياسة خارجية متوازنة في العالم، وسياسة "صفر مشاكل" واستقرار في المنطقة.
وكان الحدث الأبرز على صعيد القمة هو حضور الرئيس السوري بشار الأسد لأول مرة منذ إخراج سوريا من الجامعة العربية عام 2011، أما الحدث الثاني فكان حضور الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي الى القمة وإلقائه خطاباً دعا فيه العرب الى دعم بلاده.
ولا شكّ أن هذه القمة استثنائية بكل معنى الكلمة، ويمكن تسجيل الملاحظات التالية:

أولاً: في مغزى حضور زيلينسكي
لا شكّ ان حضور زيلينسكي الى القمة والذي جاء بناءً على دعوة سعودية، يعكس حرصاً من قبل ولي العهد السعودي محمد بن سلمان على عمق العلاقة التحالفية مع الولايات المتحدة وعدم الظهور بمظهر المنحاز أو المعادي للأميركيين في المنطقة.
على سبيل المثال، وقبيل عقد تفاهم إيراني سعودي برعاية الصين، قامت السعودية بتخصيص 400 مليون دولار مساعدات الى أوكرانيا، وأعلن البيت الأبيض أن شركة بوينغ أتمت صفقتين مع السعودية: واحدة لتدشين شركة طيران جديدة والأخرى لتوسيع أسطول قائم - تقدر قيمتها بنحو 37 مليار دولار، حيث ستقوم الشركة الأميركية بتصنيع ما يصل إلى 121 طائرة من طراز بوينغ 787 دريملاينر لصالح السعودية.
وهكذا، بدعوة زيلينسكي وإلقائه كلمة، تكون السعودية قد أكدت أن عودة سوريا الى مقعدها في الجامعة العربية محصورة بإيجابية عودة سوريا فقط، وليست انتصاراً لمحور روسيا- إيران- سوريا على المحور الأميركي في المنطقة.

ثانياً: الموقف الأميركي من التطبيع مع الأسد
بدأ مسار الانفتاح على سوريا في العام 2018 مع الاردن والامارات العربية المتحدة، وهما الحليفتان الأبرز للرئيس الأميركي دونالد ترامب، الذي لم يكن ليتوانى عن تهديد الدولتين لو أن الأمر لم يكن منسقاً معه.
واليوم، وعشية عودة سوريا الى الجامعة العربية، أعلنت الخارجية الأميركية أن وزير الخارجية الأميركية أنطوني بلينكن اتصل بنظيره المصري سامح شكري (2 أيار /مايو 2023) وناقشا اجتماع عمان بشأن سوريا، وشدد بلينكن على "أن أولئك الذين يتعاملون مع نظام الأسد يجب أن يوازنوا بعناية كيفية تلبية هذه الجهود لاحتياجات الشعب السوري"، ما يعني أن بلينكن لم يهدد الدول العربية "المطبعة" مع سوريا بعقوبات ولم يرفض تلك المبادرات كما يحاول البعض أن يشير بمعرض الحراك المعترض في الكونغرس، بل طالب بلينكن أن يحقق "التطبيع" احتياجات الشعب السوري.

ثالثاً: الفوائد لسوريا
لا شكّ أن أكثر ما طغى على بيانات القمة والمسؤولين العرب حول سوريا هو الموضوع الانساني وموضوع إعادة اللاجئين السوريين الى بلادهم.
بعكس ما أراده الغرب من الامساك بملف اللاجئين لفترة طويلة، وهو ممارسة الضغط على الحكومة السورية لأخذ مكاسب سياسية، تحوّل هذا الملف مع الوقت الى "ورقة" بيد الحكومة السورية، حيث باتت الدول المجاورة وحتى الدول الأوروبية تريد إنهاء هذا الملف الذي تحوّل قنبلة موقوتة تهدد جميع من يستضيف أعداد كبيرة من اللاجئين السوريين.
وهكذا، يشكّل هذا الموضوع أولوية لكل من الاردن وتركيا ولبنان، لكنه لا يعتبر ملفاً ضاغطاً على الحكومة السورية التي تتركز أولوياتها على استعادة أراضيها وتحقيق إعادة الاعمار وتخفيف الحصار، ثم إعادة اللاجئين.
وبالنسبة لنتائج القمة العربية، والتي لا يعوّل كثيراً على قدرتها على رفع الحصار الغربي عن سوريا في وقت قصير، لأن الامر مرتبط بأجندات دولية متشعبة ومعقدة، لكنها، على الأقل يتوقع أن تحقق انفراجاً في ملف المساعدات الإنسانية للشعب السوري، وملف اللاجئين.
من المتوقع أن تقوم المبادرة العربية على إعادة جزء كبير من اللاجئين السوريين الى بلادهم مقابل إعادة إعمار مناطقهم وتحقيق قدرتهم على العيش فيها، وهو ما تضمنته مبادرة عمان والمبادرة الكويتية حول سوريا. وهو ما أكده وزير الخارجية السعودي فيصل بن فرحان في المؤتمر الصحفي بعد القمة العربية، حيث قال "نعمل على إعادة اللاجئين السوريين إلى وطنهم وسنعمل مع شركائنا الغربيين والأمم المتحدة لتحقيق ذلك"، و"سندعم مشروعات التعافي الاقتصادي في سوريا".

2023/05/19

قمم ثلاث.. عالم يتحدى الهيمنة الغربية

يشهد العالم هذا الأسبوع 3 قمم مهمة – بشكل متزامن - تطرح مستقبل العلاقات الدولية والإقليمية على بساط البحث، وهي قمة مجموعة السبع في اليابان، وقمة الصين – آسيا الوسطى في الصين، وقمة جامعة الدول العربية في السعودية، التي تعود إليها سوريا للمرة الأولى منذ بداية الحرب فيها.

ولعلَّ المشترك في القمم الثلاث هو طرح مستقبل الهيمنة الغربية العالمية على بساط البحث، وهو ما يظهر في أشكال مختلفة فيها، وذلك على الشكل التالي:

1-  قمة مجموعة السبع في اليابان (19 إلى 21  أيار/مايو 2023)

تتكوّن مجموعة السبع من الولايات المتحدة واليابان وفرنسا وألمانيا وبريطانيا وإيطاليا وكندا. وقد دُعيت 8 دول أخرى هذا العام لحضور القمة، منها الهند والبرازيل وأستراليا وإندونيسيا وكوريا الجنوبية وفيتنام.

عادةً ما يطغى الانسجام السياسي التام بين أعضاء مجموعة السبع. وكما بات معروفاً منذ بدء الحرب الأوكرانية، فإن جميع اللقاءات الغربية تركّز عادة على كيفية السعي لهزيمة روسيا عسكرياً في أوكرانيا، ومحاولة احتواء الصين أو ما تمت تسميته "التخلص من ابتزاز الصين الاقتصادي"، بحسب ما نشر عن أهداف القمة الحالية.

لكن، وبالرغم من الوحدة الظاهرية، تبقى مجموعة السبع منقسمة حول العديد من القضايا، منها كيفية التعامل مع الصين، والحكمة والمعقولية للإذلال العسكري الكامل لروسيا، وكيفية إقناع "الجنوب العالمي" بأن النظام الجديد الذي سينبثق من هذه الحرب يمكن تشكيله لمصلحته

بالنسبة إلى الصين، صار واضحاً أن هناك انقساماً بين الدول المعنية نفسها في كيفية مقاربة الخطر الصيني وإمكانية مقاطعة الصين اقتصادياً، وهو ما ترفضه كل من فرنسا وألمانيا، فيما تدفع الولايات المتحدة إلى التشدد في الآليات التي يجب استخدامها ضد الصين، ومنها التلويح بفرض عقوبات عليها في حال ساعدت روسيا في حربها في أوكرانيا.

 وليس التباين حول الصين هو الهاجس الوحيد للمجتمعين في قمة السبع، بل أيضاً ما كشفته زيارة رئيس الوزراء الياباني، فوميو كيشيدا، لأربع دول أفريقية في آذار/مارس المنصرم، والتي كشفت عدم ثقة "الجنوب العالمي" بالآليات الغربية التي كانت تسيطر على النظام العالمي والرغبة في تغييرها، والسعي المتزايد للتخلص من الهيمنة، وهو ما دفع العديد من دول العالم الثالث إلى عدم إدانة الحرب الروسية على أوكرانيا.

 2-  قمة الصين – آسيا الوسطى في الصين (18 و19 أيار/مايو 2023)

استضافت مدينة شيان الصينية قمة الصين وآسيا الوسطى، وهي واحدة من أهمم القمم التي تستضيفها الصين، والتي تؤكد الرغبة الصينية المتزايدة في التوسع العالمي، علماً أنها المرة الأولى التي يجتمع فيها قادة دول آسيا الوسطى الخمس (كازاخستان وقرغيزستان وطاجيكستان وتركمانستان وأوزبكستان) والصين في قمة واحدة منذ 31 عاماً.

متكلاً على سلسلة من الإنجازات الاقتصادية التي حققتها الصين في تلك الدول، أعرب الرئيس الصيني شي جين بينغ عن استعداد بلاده لمساعدة دول آسيا الوسطى على بناء قدرات دفاعية، مؤكداً أنه يجب الحفاظ على سيادة دول آسيا الوسطى وأمنها واستقلاليتها.

وكان التعاون بين الصين والدول الخمس قد حقق العديد من الإنجازات على الصعيد الاقتصادي، وهي التي تعتبرها الصين منطقة "الأوائل"، لأن آسيا الوسطى كانت المنطقة "الأولى" التي تمّ فيها إطلاق مبادرة "الحزام والطريق" ومحطة الانطلاق غرباً نحو أوروبا، إذ بنت الصين مجموعة من سكك الحديد في المنطقة، وتمّ افتتاح طريق سريع بينها وبين قرغيزستان وأوزبكستان شكّل شريان نقل دولياً عبر الجبال من دون عوائق... ويعد خط أنابيب الغاز الطبيعي بين الصين وآسيا الوسطى أطول خط أنابيب للغاز الطبيعي في العالم.

هكذا، يبني الصينيون على الإنجازات الاقتصادية والتنموية للتوسع أمنياً في منطقة لطالما شهدت تنافس نفوذ أميركي – روسي- صيني، وهو ما دفع وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن خلال زيارته دول وسط آسيا في آذار/ مارس المنصرم إلى الوعد بتخصيص 25 مليون دولار إضافية بعد حزمة أولى مماثلة أعلنت في أيلول/سبتمبر 2022، لمساعدة دول آسيا الوسطى على تنويع طرق التجارة وخلق فرص العمل عبر تعليم اللغة الإنكليزية وتطوير أنظمة الدفع الإلكتروني وتدريب العاملين المهاجرين العائدين.

 3-  القمة العربية في جدّة (19 أيار/مايو 2023)

تعد القمة العربية المنعقدة في السعودية هذا العام قمة استثنائية بكل ما للكلمة من معنى، إذ يحضرها الرئيس السوري بشار الأسد بعد قطيعة طويلة سببها قيام الجامعة بالتصويت على طرد سوريا من الجامعة تزامناً مع الحرب الدائرة فيها، التي انخرط فيها الغرب وبعض الدول العربية لتغيير النظام.

وكان مسار الانفتاح على سوريا قد بدأ منذ العام 2018 عبر كل من الأردن والإمارات؛ فبعد إلغاء الرئيس الأميركي السابق دونالد ترامب برامج دعم تسليح المعارضة السورية (2017) واستعادة الجيش السوري السيطرة على الشريط الحدودي مع الأردن ومعبر نصيب ـــ جابر، عقد الأردن وسوريا مباحثات أدّت إلى فتح الحدود واستعادة العلاقات التجارية بينهما وتفعيل المنطقة الحرّة الأردنية ـــ السورية.

اليوم، تصدر الدعوات الغربية لرفض "التطبيع مع النظام السوري" ووجوب أخذ أثمان سياسية في مقابل ذلك التطبيع وعودة سوريا إلى الجامعة العربية. وكان مسؤولون ألمان وأوروبيون وأميركيون ونواب من الكونغرس قد رفضوا "التطبيع"، مع العلم أنه لا يمكن التصور أن الانفتاح الأردني - الإماراتي على سوريا في وقت سابق حصل ضد الإرادة الأميركية أو في تحدٍ لها، وخصوصاً في ظل إدارة ترامب التي فرضت ضغوطاً قصوى على كل من إيران ولبنان والعراق، واغتالت اللواء قاسم سليماني، بما يستبعد فكرة قيام الحلفاء بتحدي إرادة ترامب للتواصل مع سوريا.

في المحصلة، تكشف التطورات العالمية يوماً بعد يوم أن النظام الدولي الذي هيمن عليه الغرب لفترة طويلة بات يتعرض للتحدي، وأن دول العالم (غير الغربي) لم تعد راغبة في الاستمرار بالخضوع للهيمنة الغربية، وهو ما يعيه الغرب تماماً، وهو ما تجلى في النقاشات في مؤتمر ميونيخ للأمن هذا العام، والمؤتمر الأمني الذي استضافته العاصمة الإستونية الأسبوع المنصرم، الذي أكدت فيه مديرة المؤتمر أن الفهم الأوروبي "للعدوان الروسي قد لا يكون مشتركاً مع الجنوب العالمي"، وأضافت: "لقد فتحت الحرب جراح الماضي الاستعماري في الجنوب، وأوروبا باتت تسمع تهماً بالنفاق واللامبالاة... هناك حاجة إلى حوار أعمق وتفاهم متبادل أفضل". 

2023/05/15

وقف مسار "التطبيع مع سوريا": القدرة والإمكانيات

 خطوة ستؤدي إلى خلط الأوراق في منطقة الشرق الأوسط ككل، أقر مؤتمر وزراء الخارجية العرب عودة سوريا إلى الجامعة العربية، وبعدها مباشرة استأنفت المملكة العربية السعودية علاقتها القنصلية مع سوريا. وفي وقت متزامن، انعقد اجتماع على مستوى وزراء الخارجية في موسكو بين كل من روسيا وإيران وسوريا وتركيا، لبحث مسار المصالحة، وإيجاد حل للعلاقات التركية-السورية.

ورداً على هذين المسارين المنفصلين لحلّ النزاع في سوريا، أعلن نائب المتحدث باسم وزارة الخارجية الأميركية، فيدانت باتيل، إن الولايات المتحدة "لن تطبّع العلاقات مع نظام الأسد، كما أننا لا ندعم تطبيع الآخرين للعلاقات مع دمشق". وأضاف: "لقد أوضحنا ذلك جلياً لشركائنا... الولايات المتحدة تعتقد أن الحل السياسي المنصوص عليه في قرار مجلس الأمن الدولي رقم 2254 هو الحل الوحيد القابل للتطبيق لهذا الصراع في سوريا".

وفي مسار متوازٍ، قدّم نواب من الكونغرس الأميركي، مشروع قانون لمنع الإدارة الأميركية من الاعتراف بأي حكومة سورية بقيادة الرئيس بشار الأسد، أو تطبيع العلاقات معها، ويطالب بتوسيع "قانون قيصر لتعزيز قدرة الإدارة الأميركية على تهديد الدول الأخرى التي تطبّع العلاقات مع سوريا وفرض عقوبات عليها". 

لا شكّ في أن مناقشة قرار كهذا أو تقديمه لا يعني بالفعل القدرة على تمريره في الكونغرس الأميركي، وحتى لو استطاع مقدّمو هذا المشروع الحصول على أغلبية مؤيدة لتمريره في الكونغرس، فهذا لا يعني قدرة الكونغرس على فرضه على الإدارة الأميركية التي يجب عليها أن توازن بين الاعتبارات الشعبوية في الداخل، وبين مصالح الولايات المتحدة في الخارج.

بالمبدأ، لا تختلف الإدارة الأميركية في خطابها المعلن حول "التطبيع مع الأسد" عن مشروع القانون المقدم إلى الكونغرس، لكن موضوع "تهديد الدول المطبّعة (الدول العربية وتركيا) بالعقوبات، لم يعد بإمكان الأميركيين القيام به، في ظل التطورات العالمية بعد الحرب الأوكرانية، ودخول الصين لاعباً أساسياً في المنطقة.

في ردٍ على عسكرة شرق آسيا وتحضير مسرح الحرب لصراع مع الصين، تقوم الصين بسياسة هجومية بالتوسع العالمي خارج حدودها، وذلك عبر السعي لعدم الاكتفاء بالنفوذ الاقتصادي والسياسي في العالم بل التحوّل إلى نفوذ عسكري-أمني متزايد، ومن هذه المناطق التي تتطلع إليها بكين، منطقة الخليج لما تحتويه من موارد استراتيجية هامة، تحتاجها الصين لنمو اقتصادها.

خلال خطابه في قمة مجلس التعاون الصيني-الخليجي في كانون الأول/ديسمبر 2022، دعا الرئيس الصيني دول الخليج للانضمام إلى "مبادرة الأمن العالمي" الصينية، وأعلن أن "الصين ستواصل دعم دول مجلس التعاون الخليجي بحزم في حماية أمنها، ودعم جهود دول المنطقة لحل الخلافات من خلال الحوار والتشاور وبناء هيكل أمني خليجي جماعي".

وبالفعل، ساهمت الصين بقوة في دعم السلام في المنطقة عبر رعاية حوار إيراني – سعودي، والتوصل إلى آلية لحلّ الخلافات بين ضفتي الخليج. لذلك، تدرك الإدارة الأميركية أنه من الأفضل للولايات المتحدة أن لا تعطي ذرائع للدول العربية -خاصة الخليجية-للتفتيش عن مصالحها الأمنية بعيداً عن الولايات المتحدة، إذ حينها سيجد الخليجيون أمامهم الصين المستعدة لأن تمنحهم ما يريدون من دون التدخل في شؤونهم الداخلية، ما يعني إمكانية أن تصبح "مبادرة الأمن العالمي" الصينية منافساً للهيكل الأمني الذي أقامته الولايات المتحدة في الخليج سابقاً.

ما هي "مبادرة الأمن العالمي" الصينية؟

في نيسان/أبريل من عام 2022، في خضم الانشغال العالمي بالحرب الأوكرانية، أعلن الرئيس الصيني خلال مؤتمر في آسيا، عن مبادرة صينية لحفظ الأمن العالمي. وفي شباط/فبراير من عام 2023، أعلنت الخارجية الصينية ورقة تتضمن تفاصيل "مبادرة الأمن العالمي"، والتي تتضمن 6 مبادئ أساسية، تجدد فيها الصين ما هو معروف في سياساتها الخارجية، وهي: الالتزام بالتعاون الدولي، وسيادة الدول وسلامتها الإقليمية وعدم التدخل، والالتزام بمبادئ الأمم المتحدة، والأهم هو " الأمن للجميع"، وهو المبدأ الجديد الذي تصرّ عليه كل من الصين وروسيا.

ومبدأ "الأمن للجميع"، يعني أن الأمن العالمي غير قابل للتجزئة، ويجب أخذ المخاوف الأمنية المشروعة لجميع البلدان على محمل الجد. وعليه، يجب أن لا يأتي حفظ أمن دولة على حساب أمن الدول الأخرى، لذا يجب على أي دولة، أثناء سعيها لتحقيق أمنها أن تأخذ في الاعتبار الشواغل الأمنية المعقولة للآخرين.

وعليه، تبدو الصين مستعدة لملء أي فراغ استراتيجي أو أمني تتركه الولايات المتحدة الأميركية، وبالتالي، إن أي تهديد بعقوبات أميركية على دول الخليج أو تركيا لتواصلها مع الرئيس السوري بشار الأسد (كما يدعو مشرعون في الكونغرس)، لا يبدو عقلانياً أو منطقياً أو مفيداً للأميركيين في المنطقة. والأهم، لا يبدو متناسباً مع قدرات الولايات المتحدة التي يتراجع نفوذها العالمي، وتتراجع معه قدرتها على تهديد الدول أو فرض سياسات معينة عليها، والدليل ما شهدناه في الضغوط الأميركية على العديد من الحلفاء لقطع العلاقة مع روسيا والاشتراك في نظام العقوبات الغربية، وحظر استيراد النفط والغاز منها، وهو ما تمرد عليه عدد من الدول الحليفة للغرب والولايات المتحدة في العالم، في تأكيد واضح على تراجع الهيمنة الأميركية في العالم.

فلسطين... قضيتنا جميعاً



في معرض العدوان الاسرائيلي على غزة، وقبلها أي خلال الاعتداءات الاسرائيلية على الفلسطينيين في الضفة الغربية وفي مختلف الاراضي الفلسطينية المحتلة، انتشرت على مواقع التواصل الاجتماعي حروب كلامية بين مَن يدعم فلسطين وحق الفلسطينيين ويدعو الى مساندتهم، وبين مَن يقول "فلسطين ليست قضيتي"، وذلك في معرض التباين السياسي الداخلي اللبناني وبين المغردين العرب، الذين وجدوا في القضية الفلسطينية سبباً إضافياً للانقسام، وحيث انطلق البعض من مقولة "عدو عدوي صديقي"، وأن "الشعوب العربية تريد السلام".

تذكرنا تلك الحروب الكلامية العربية، أن بعض العرب أحياناً يساقون بالغرائز فيتناسون بديهيات الحسّ الإنساني الذي يدعو الى مناصرة المظلوم، والشهادة للحق، والانتصار للخير على الباطل. ولا يختلف اللبنانيون عن المغردين العرب، فالعديد من اللبنانيين، أبدوا آراءً غير داعمة لفلسطين ومنهم بعض المسيحيين.

بالنسبة للمسيحيين، يظهر أن من يسمون أنفسهم "اليمين المسيحي" هم الأكثر حماسة للتنصل من مناصرة فلسطين انطلاقاً من الذاكرة المثخنة بتاريخ من الصراع اللبناني الذي انخرط فيه الفلسطينيون، خاصة خلال الحرب الأهلية. علماً أن التاريخ يشير الى أن دعاة "القومية اللبنانية" من المسيحيين كانوا من الاوائل الذين نبّهوا الى خطورة المشروع الاسرائيلي، ونورد في ما يلي بعض النماذج على سبيل المثال لا الحصر:

مع إقرار الأمم المتحدة قرار التقسيم، ومسارعة "الاسرائيليين الى إعلان "الدولة"، تنبّه كل من ميشال شيحا وشارل مالك الى خطورة ما حدث، فاعتبر ميشال شيحا أن "قرار انشاء "اسرائيل" هو جريمة ضد الطبيعة، ضد الاخلاق والتاريخ والجغرافيا والديموغرافيا، وإن الصيغة التوافقية والتفاعلية الحضارية اللبنانية هي النقيض للصيغة العنصرية الاسرائيلية، لذا هي في خطر جسيم"، وأضاف "ان صراعًا بين اسرائيل والعرب، وفي مقدمهم لبنان، هو صراع وجود وحدود معاً".

أما شارل مالك، فقد نبّه في تقريره المرسل الى الدولة اللبنانية عام 1949، من مغبة أن يحصل "اتفاق خفي بين اسرائيل وبين بعض اللبنانيين القصيري النظر، فيحدثون انقلاباً موالياً لاسرائيل، مؤكداً ان "انقلاباً كهذا يجرّ حتماً الى الفوضى، فتدخلٌ سوري عربي، فتدخلٌ اسرائيلي، وبالتالي الى حرب جديدة، لن يكون لبنان الكاسب فيها على الاطلاق".

وهكذا، نجد أنه كان هناك وعي مبكر لدى اللبنانيين بخطورة المشروع الاسرائيلي على لبنان والمنطقة، لكن المشكلة أن "التعب" والمشاكل الداخلية في كل بلد من البلدان العربية وخاصة دول الجوار الفلسطيني، أدّت الى أن تزايد محاولات التهرب من مسؤولية دعم فلسطين بحجة أن "لدينا ما يكفينا من المشاكل".

لكن، إن الهروب من المشكلة لا يحلّها، وليس المطلوب أن تشنّ حرب انطلاقاً من لبنان لمناصرة الفلسطينيين، لكن الحياد في قضية حق، وفي مناصرة الحق ضد الباطل هو خيانة لكل المفاهيم والمبادئ الانسانية، وحتى المسيحية التي تدعو الى "الشهادة للحق" التي لطالما كانت في صلب العقيدة المسيحية.

 

2023/05/08

اليمين عبر الأطلسي يتحد... هل يطيح بحكومات أوروبا وأميركا؟

 

  

للعام الثاني على التوالي، استضافت هنغاريا في 4-5 أيار / مايو الحالي، النسخة الأوروبية لأبرز حدث سياسي يميني في الولايات المتحدة، والمعروف باسم "مؤتمر العمل السياسي المحافظ"، والذي استضاف شخصيات يمينية أوروبية وأميركية، منهم مذيع "فوكس نيوز" المطرود من عمله تاكر كارلسون، والعديد من قادة أحزاب اليمين الأوروبي الذين اجتمعوا لوضع خطة لسيطرة اليمين على أوروبا والوصول إلى السلطة.

 

مفعماً بالتفاؤل بقدرة اليمين على النجاح في الوصول إلى السلطة، اعتبر رئيس وزراء هنغاريا فيكتور أوربان أن المحافظين "احتلوا مناصب أوروبية كبيرة وهامة"، ودعا الرئيس الأميركي السابق دونالد ترامب إلى العودة إلى البيت الأبيض، متوقعاً أن موجة يمينية كبرى آخذة في الاتساع في جميع أنحاء العالم، ومحفزاً الجميع للعمل على تخليص واشنطن وبروكسل من قبضة الليبرالية التي وصفها بـ "الفيروس الذي سيفتت ويفكك بلداننا"، بحسب وصف أوربان.

 

وبالإضافة إلى الهجرة والمثلية ورفض الشعارات الليبرالية، كان شعار " فلنصنع الأطفال لا الحروب" أحد أبرز عناوين المؤتمر. ويعدّ هذا العنوان هدفاً أساسياً في أجندة اليمين الأوروبي، إذ صرّحت رئيسة الوزراء الإيطالية جورجيا ميلوني أن الهدف الأساسي لحكومتها، بالإضافة إلى مكافحة الهجرة، زيادة معدلات المواليد وإعطاء حوافز للنساء للإنجاب، ودعت الحكومات الأوروبية إلى إقرار خطة مشتركة لهذا الهدف، كونه يعدّ من أبرز المخاطر التي تواجه أوروبا وتدفعها إلى قبول استقبال اللاجئين "غير الأوروبيين".

 

وفي إطار "صنع السلام"، يرى أوربان أن عودة ترامب ستجلب السلام، مؤكداً أنه لو "كان ترامب هو الرئيس، فلن تكون هناك حرب في أوكرانيا وأوروبا".

 

لماذا ترامب؟

يشكّل ترامب وشعاراته "القومية" علامة فارقة في تاريخ الفكر السياسي الأميركي، الذي لم يعرف القومية بمفهومها الأوروبي الذي تسبب بالكثير من المآسي والحروب والفظائع.

 

تنطلق القومية الأوروبية من تصوّر "أمة" تاريخية متميّزة ومتفوّقة، بينما يستند اليمين الأميركي إلى "أفكار محافظة"، تخطت في كثير من الأحيان الانقسامات الحزبية بين الجمهوريين والديمقراطيين، فعلى سبيل المثال، أعلن جو بايدن خلال فترة ولايته الأولى في مجلس الشيوخ الأميركي في السبعينيات من القرن الماضي أنه "ليبرالي عندما يتعلق الأمر بالحقوق والحريات المدنية، لكنه محافظ في معظم القضايا الأخرى".

 

مع ترامب، تحوّل الجدال السياسي الأميركي إلى أبعد من انقسام محافظ/ ليبرالي. وجد ترامب الشعبوي أن "الهوية المحافظة" ليست كافية لكسب المؤيدين وتحفيزهم واستقطابهم، لذلك يجب أن يتم الاستناد إلى أبعد من الفكر المحافظ، إلى فكر "قومي" يجد تصوراته في "قومية مسيحية" أو "قومية بيضاء" تؤمن بتفوق أمة عظيمة شعارها "اجعل أميركا عظيمة مجدداً".

 

الفرق بين الأفكار المحافظة والأفكار القومية

الفكر المحافظ هو مجموعة أفكار وفلسفة ثقافية واجتماعية وسياسية تسعى إلى الحفاظ على المؤسسات وتعزيز الممارسات والقيم التقليدية في المجتمع، وترفض التغيير الجذري. أما الأفكار القومية فتستند إلى تصور بوجود "أمة" متميزة ومتفوّقة، يشعر من ينتمي إليها بإحساس قوي بالوحدة والتضامن، إذ هناك واجب الحفاظ على "الأرض المقدسة" والتصميم على حماية السيادة والقرار الوطني من تدخلات القوى الخارجية.

 

هل ينجح "اليمين عبر الأطلسي" في اكتساح الانتخابات كما يطمح؟

لا شكّ في أن اليمين الأوروبي يستند إلى أفكار تاريخية شوفينية عميقة في الوجدان الأوروبي، سوف تحفزها المشكلات الاقتصادية والاجتماعية التي تسببت بها الحرب الأوكرانية، بالإضافة إلى الركود التضخمي الذي يُتوقع أن يحصل في العالم في السنتين القادمتين. وهكذا، وكلما طال أمد الحرب في أوكرانيا استفاد اليمين الأوروبي من المشكلات المتأتية منها، للتصويب على الحكومات الحالية لإطاحتها. مع العلم أن اليمين الأوروبي نفسه ليس موحداً، بل يتباين أيضاً في تصوراته لمستقبل الاتحاد الأوروبي، ولحلف "الناتو"، والموقف من روسيا.

 

وهذا التباين في المنطلقات الفكرية لقوى اليمين الأوروبي، نجده داخل الحزب الجمهوري نفسه في الولايات المتحدة الأميركية، الذي يشهد محاولة ترامبية لنزعة قومية مستجدة.

 

يتباين الحزب الجمهوري الأميركي في موضوع القومية. فالنائبة مارجوري تايلور غرين عن جورجيا، المعروفة بشعبويتها، ترى أن الحزب الجمهوري يجب أن يكون حزباً قومياً، إذ قالت "أنا مسيحية، وأقول ذلك بفخر، يجب أن نكون قوميين مسيحيين."

 

بينما يشير العديد من أعضاء الحزب الجمهوري الآخرين إلى تمسكهم بالمبادئ المحافظة فحسب، معتبرين أن قوة أميركا هي في تنوعها وتعددها، وأن الإقصاء بحجة الهوية ورفض الآخر واعتباره تهديداً للبلاد، قد يكون مدمراً لأميركا "العظيمة".

 

وعليه، إن نجاح اليمين الأوروبي في استخدام "القومية" للصعود والوصول إلى السلطة، لا يعني أن بإمكان الجمهوريين في الولايات المتحدة استخدام "عامل الهوية" بالطريقة نفسها التي يستخدمها الأوروبيون، وبالتالي ما يصح في أوروبا قد لا يصح في أميركا، أي أن صعود اليمين الأوروبي وهو متوقع بقوة، لا يعني بالضرورة نجاح الترامبية في الولايات المتحدة الأميركية. 

عودة سوريا الى الجامعة العربية: ما لها وما عليها


أيّد وزراء الخارجية العرب بالاجماع عودة سوريا الى مقعدها في جامعة الدول العربية، في خطوة طبيعية ومنطقية بعد المسار السياسي الذي اتبعه الانفتاح العربي على سوريا، والذي بدأ منذ عام 2018.

بدأ التغير في الاتجاهات العربية نحو سوريا، بعد التدخل العسكري الروسي المباشر عام 2015، وتبدّل ظروف الميدان السوري بشكل جذري عام 2016،  وتحرير حلب ودخول الاتراك والايرانين والروس في مسار أستانة الذي أدى الى سحب المعارضة السورية من كافة انحاء البلاد وتجميعها في إدلب... ثم مجيء ترامب الى البيت الأبيض، فألغى برامج تسليح المعارضة السورية.

ومؤخراً، كان للانفتاح السعودي على سوريا تأثير كبير في مسار تذليل العقبات لعودة سوريا الى الجامعة العربية، وإعادة العلاقات العربية معها، ووضع خارطة طريق لمسار حل سياسي سوري تقبل به الحكومة السورية، وتوافق عليه الدول المنخرطة في الحرب ضدها، وهو ما اطلق عليه اسم "بيان عمّان" أو "خطوة مقابل خطوة".

تشير الوثائق المنشورة حول هذه المبادرة (لم يتم تأكيدها أو نفيها من قبل المعنيين أو السوريين)، الى الاقتناع بأن لا حل عسكري للأزمة السورية، واقتناع الدول الخارجية المعادية للنظام أن تغيير النظام الحاكم لم يعد هدفاً بل الهدف هو حل سياسي على أساس قرار مجلس الأمن رقم 2254.

لذلك، تقوم المبادرة الاردنية على دور عربي ينخرط في حوار مع الحكومة السورية لتطبيق مجموعة من الالتزامات مقابل حوافز، أي خطوة مقابل خطوة، وفيها:

أ‌-     في المسار الانساني:

تلتزم الحكومة السورية بـ "منح المفوضية العليا للاجئين حق الوصول الكامل الى المناطق المعنية، وتضمن عدم اضطهاد العائدين، وتسهيل العودة الطوعية والآمنة، وتيسير المصالحات والتحقيق في ادعاءات التعذيب وانتهاكات حقوق الانسان".

في المقابل، يتم تقديم مساعدات لمناطق سيطرة الحكومة، وتمويل وتنفيذ برامج البنى التحتية والانعاش المبكر لاستعادة نوع من الحياة الطبيعية للعائدين.

ب‌- في المسار السياسي:

 تلتزم الحكومة بالمشاركة الايجابية باللجنة الدستورية، والافراج عن المعتقلين والسجناء السياسيين، وكشف مصير المفقودين، وإجراء انتخابات "تحت إشراف الأمم المتحدة بما يؤدي إلى تشكيل حكومة شاملة" inclusive..

في المقابل، يتم "التخفيف التدريجي للعقوبات على سوريا، والسماح بتجارة السلع مع أطراف ثالثة، ورفع العقوبات عن القطاعات العامة السورية والبنك المركزي والجهات الحكومية والمسؤولين والقطاعات الحكومية" ... واستعادة العلاقات السياسية والدبلوماسية و"تسهيل عودة سوريا إلى المحافل الدولية واستعادة مكانتها في جامعة الدول العربية".

ج- في الملف الأمني: التعاون في مكافحة الارهاب، وتبادل المعلومات الاستخبارية وسواها.

 د- المرحلة ما قبل الأخيرة:

 تشمل التزام الحكومة إعلان وقف إطلاق النار في جميع أنحاء البلاد، وانسحاب جميع العناصر غير السورية من خطوط المواجهة والمناطق الحدودية مع دول الجوار، ووقف العمليات العسكرية الكبرى...

في المقابل، تتوقف جميع العمليات الجوية العسكرية الأجنبية فوق سوريا، والتزام الجميع بمن فيهم تركيا بوقف اطلاق النار.

ه – المرحلة الأخيرة (لا سقف زمني لها):

انسحاب جميع القوات الأجنبية، والمشاركة الإيجابية مع البلدان المجاورة والالتزام بالاستقرار والأمن الإقليميين، بما في ذلك الوفاء بالالتزامات بموجب منظمة حظر الأسلحة الكيماوية، والحد من النفوذ الإيراني في أجزاء معينة من سوريا، وانسحاب جميع القوات الأجنبية والمقاتلين الأجانب من سوريا لما قبل العام 2011...

في المقابل يتم "انسحاب القوات الأميركية وقوات التحالف من شمال شرقي سوريا، بما في ذلك من قاعدة التنف". ويتم "فتح قنوات تنسيق بين الجيش السوري والأجهزة العسكرية والأمنية في دول الجوار لضمان أمن الحدود مع سوريا".

 

بالمحصلة، لقد تحققت بعض بنود المبادرة مسبقاً قبل اجتماع وزراء الخارجية العرب. وبكل الاحوال، يبدو من البنود التي نشرت أنها لمصلحة الشعب السوري، ومن المفيد للحكومة السورية أن تقدم على تسهيل عودة اللاجئين ووقف اطلاق النار والتخلص من الارهاب، مقابل عودة سيطرتها وسيادتها على كافة الاراضي السورية، والحصول على دعم ومساعدات مادية للبنى التحتية وإعادة الاعمار.