لم يمر مرور الكرام عند المسيحيين ما أعلنه الوزير السابق علي حسن خليل حول انتخاب سليمان فرنجية رئيساً للجمهورية بقوله "اذا جمع رئيس تيار "المردة" سليمان فرنجية 65 صوتاً من دون الكتلتين المسيحيتين، سنمضي به، فأولويتنا التوافق لكن عندما تصبح المعركة معركة أرقام فكل طرف يقوم بمصلحته".
وإذا كان هذا الكلام استدعى رداً وتحركاً من النائب وليد جنبلاط لمحاولة التوصل الى رئيس توافقي، ورفضاً من القوى المسيحية، خاصة بكركي والنائب جبران باسيل، فإن صمت كثيرين من القوى السياسية أثار الريبة لدى القوى المسيحية، التي تعتبر أن هناك أموراً لا يجب التغاضي عنها وهي:
1- إن تمسك الثنائي بترشيح الرئيس نبيه برّي لرئاسة مجلس النواب كان أمراً محترماً لدى القوى السياسية الأخرى لفترة طويلة من الزمن، وإذا كان الثنائي قد احتكر التمثيل النيابي الشيعي في المجلس النيابي هذه الدورة البرلمانية إلا أن الأمر لم يكن كذلك في الدورات السابقة وبالتالي احترمت المكونات الأخرى خيارات أحزاب الطائفة الشيعية لممثليها، وهذا ما يجب أن يفعله الثنائي بتمثيل المكونات الاخرى.
2- هناك على ما يبدو هجمة متجددة ومحاولة لتفجير الوضع الداخلي بفتنة شيعية مسيحية حيث ترتفع مجدداً نغمة "التقسيم" لأنه "لم يعد هناك إمكانية للتعايش مع السلاح" ولأن "بعض اللبنانيين يدفعون الضرائب بينما آخرون لا يدفعون وبالرغم من أنهم يتمتعون بالقسم الأكبر من الانفاق العام". كما يتم التصويب على ح ز ب الله بموضوع التحقيق في انفجار المرفأ، بما يشير الى أن هناك محاولة استعادة لمشهد عام 2005- 2008، حين ارتفعت التصريحات السياسية بالاتهامات السياسية لعزل ح ز ب الله، الى أن حصلت الشرارة التي أدّت الى فتنة سنية شيعية حينها.
3- اعلامياً، كما فعلت دير شبيغل في أيار 2009، حين نشرت مقالاً ذكرت فيه بقدرٍ كبيرٍ من التفصيل كيف شاركت عناصر من ح ز ب الله في جريمة اغتيال الحريري، وكيف اكتشفت "لجنة التحقيق الدولية" ارتباط أولئك العناصر في حادث الاغتيال. وتحدثت المجلة أن أحد عناصر الحزب "ارتكب طيشاً لا يُصدَّق" حيث اتصل بصديقته بواسطة هاتف خليوي تمّ استخدامه في عملية الاغتيال، ما أتاح للمُحقّقين فرصة تحديد الرجل. وتوالت التسريبات، وتوالت السيناريوهات التي تربط ح ز ب الله باغتيال الحريري، وصولاً إلى القرار الاتّهامي الذي اتّهم أربعة عناصر من الحزب، ثم أُضيف إليهم شخص خامس.
واليوم، وبنفس الطريقة تقريباً، نشر الاعلام الالماني منذ فترة تقريراً ربط فيه ح ز ب الله بالنيترات التي كانت في مرفأ بيروت، وحالياً يعرض الوثائقي الفرنسي تحت عنوان "حزب الله.. التحقيق الممنوع"، التي يشير بعض الاعلام المحلي والخارجي أنه سيقوم بربط التفجير في مرفأ بيروت بمسؤولية ح ز ب الله عن النيترات التي كانت موجودة فيه. علماً ان تحقيق القاضي طارق البيطار الذي أثار الانقسام في لبنان، يركّز على الاهمال الوظيفي والتورط السياسي ولم يشر – أقلّه لغاية الآن- كيف وصلت النيترات الى المرفأ ولصالح مَن.
بالمحصلة، هذه الأحداث والخطابات السياسية والاعلامية تشير الى ان هناك مشروعاً فتنوياً يُعد للداخل اللبناني، وإن تحضير المسرح يحصل بوتيرة متسارعة، قد ينتهي باشتباك طائفي (شيعي – مسيحي). لذلك على الجميع مسؤولية تخفيف التشنج، وعدم السير بخيارات تمّ تجربتها سابقاً، ومنها محاولة عزل مكوّن أساسي التي أثبتت كارثيتها على لبنان منذ الحرب الاهلية وما بعدها، ولا الى سيناريوهات تفجيرية واستخدام فائض القوة لفرض خيارات سياسية، ولا الى مشاريع التقسيم البائدة.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق