تتجه الأمور الى الايجابية في موضوع ترسيم حدود المنطقة الاقتصادية الخالصة بين لبنان و"اسرائيل"، على أن يكون هذا الاسبوع القادم حاسماً لناحية الانتهاء من الردود الرسمية وتحضير الأوراق الرسمية، والتوجه الى الامم المتحدة لتوقيع مسودات منفصلة. ولن تخلُ الأجواء في كل من البلدين من انتقادات ودعوة لعدم التوقيع.
وإن
كان لا بد من بعض الملاحظات حول الإتفاق، فإننا نشير الى ما يلي:
1- السيادة:
يقوم
العديد من المعلقين والسياسيين عند الطرفين بالادعاء أن التنازلات التي تمت حول هي
تفريط بالسيادة على الأرض.
من
المهم التوضيح أن "المنطقة الاقتصادية الخالصة" التي يتم النقاش حول
ترسيمها لا تتمتع بصفة السيادة كما هو حال "الاقليم البحري".
لقد
حدد قانون البحار، منطقة الاقليم البحري للدولة وهي بمساحة 12 ميل بحري من الشاطئ،
وهذه تتمتع بالسيادة الكاملة كما هو الاقليم البرّي تماماً. أما المنطقة
الاقتصادية الخالصة فهي منطقة بحرية تمارس عليها الدولة حقوقاً خاصة في الاستغلال
واستخدام مواردها البحرية، ولكنها لا تمارس عليها سيادة كما هي حال المنطقة الاقليمية.
وفي حالات تجاور الدول، يتم الاتفاق على حدود هذه المنطقة وامتدادها بين الدول
المتجاورة.
2- تنازلات متبادلة:
من الطبيعي أن يكون هناك تنازلات متبادلة بين أي أطراف يقومون
بالتفاوض، فإن مبدأ التفاوض ينتفي من الأساس، إن كان كل طرف يهدف الى القدوم الى
الطاولة ليفرض ما يريده على الآخرين.
قدم لبنان في جولة المفاوضات الأخيرة التي امتدة سنتين، حداً
أقصى هو الخط 29، بمقابله قدم "الاسرائيلي" حداً أقصى هو الخط 1. وقد
اعتمد لبنان قواعد علمية وقانونية واضحة تعطيه هذا الحق بحدود 29، واستند العدو
الى مقاربة قانونية تستند الى اتفاقية وقعها لبنان مع قبرص وأودعها الأمم المتحدة،
خلال فترة حكومة السنيورة.
في النتيجة، تنازل الطرفان عن حدهما الأقصى، وتمّ التوصل الى
إعطاء لبنان مساحة أكبر بكثير مما كان السياسيون قد قبلوا به قبل هذه الجولة وهو
"خط هوف".
3- ماذا تحقق للبنان؟
كما بات واضحاً من
التقارير الصحفية، يتبين أن لبنان حصل على ما يلي:
أ- على مدى عشر سنوات، فاوض لبنان مع
الأميركيين فتوصّل الى "اتفاق الاطار" و"خط هوف". خط هوف هو خط
اخترعه الأميركيون في مسافة وسطية تقريباً بين الخط 1 والخط 23.
اليوم، بعد انتهاء جولة
سنتين من المفاوضات، حصل لبنان على خط حدود يفوق 23، وحصل على حقل قانا بالكامل،
أي انطلقنا من مساحة تحت خط 23 بكثير، فأخذنا مساحة أكثر من 23.
ب- رفع الفيتو عن التنقيب في المياه
اللبنانية، وأكدت توتال أنها ستعود للعمل في المياه اللبنانية بمجرد توقيع اتفاق
الترسيم.
وكان الأميركيون قد
أعلنوا صراحة عبر لسان مسؤولين ومنهم شينكر (خلال فترة ترامب) أن "على لبنان
القبول بالتصور الأميركي لترسيم الحدود، إذا أراد أن يفك أزمته الاقتصادية وينقّب
عن الغاز".
ت- إن حديث اسرائيل عن "عائدات" من
حقل قانا، لا يعني لبنان شيئًا، بل هي حصة ستعطيها إياها الشركة التي ستقوم
بالاستخراج من حقل قانا من حصتها (من حصة الشركة وليست من حصة لبنان).
وهذا سواء اعتبره
اللبنانيون "بلطجة" اسرائيلية على الشركات أو اعتبره الاسرائيليون
"حقوقاً" عائدة لهم، فهذا لا يعني لبنان بأي حال من الأحوال، وليس من
اختصاصه توصيفه، طالما هو غير معني بالدفع، وسيحصل على إيراداته كاملة.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق