في آذار 2019، زار وزير الخارجية الأميركية مايك بومبيو لبنان، وأعلن صراحة أمام كل من التقاهم من المسؤولين السياسيين وفي تصريح علني، أن سياسة الولايات المتحدة الأميركية تجاه لبنان تقوم على خيارين: "أما أن يقوم اللبنانيون بالتصدي لحزب الله، وإلا سيجبر اللبنانيون أن يعانوا"، وأكد أن الولايات المتحدة مهتمة "بترسيم الحدود البرية والبحرية". (راجع تصريح بومبيو في 23 آذار/ مارس 2019)
وعليه، من الواضح – بحسب تصريح بومبيو- أن سياسة الضغوط القصوى على لبنان، كانت تهدف الى الضغط لتحجيم حزب الله في الداخل، والبتّ بمسار ترسيم الحدود مع "اسرائيل":
1- تحجيم حزب الله:
منذ ذلك الاعلان، كان واضحاً أن إدارة ترامب قررت تطبيق سياسة الضغوط القصوى على لبنان لإحتواء نفوذ حزب الله مهما كلف ذلك من "مصاعب على اللبنانيين". ولم ينفع في تغيير رأي بومبيو، الردود اللبنانية الرسمية اللبنانية المختلفة، بأن حزب الله جزء من النسيج اللبناني، وأن لديه نواب ووزراء في الحكومة.
الأكيد أن الأميركيين كانوا يعتقدون أن سياستهم في الضغط على اللبنانيين ستحقق الأهداف منها، بناءً على دراسة جدوى، وقد يكون العديد من "الخبراء والمستشارين" اللبنانيين في لبنان والخارج قد أكدوا للأميركيين إمكانية نجاح هذه الخطة، بدليل أن الأميركيين ما زالوا مستمرين فيها لغاية اليوم. وذلك، بالرغم من أن حساب الحقل لم يتطابق مع حساب البيدر، فمنذ عام 2019 ولغاية اليوم، تراجعت مستوى معيشة اللبنانيين وضعفت قدراتهم، وعانوا الأمرّين، لكن الحزب عملياً لم يضعف، ولا شيء يشي بأن اللبنانيين باتوا مستعدين أو قادرين على مواجهة (أو قتال) حزب الله.
2- ترسيم الحدود مع "اسرائيل":
بدأ الرئيس نبيه برّي هذا المسار عام 2010، وأنهاه في 22 أيلول سبتمبر 2020، بالتوصل الى إتفاق إطار للتفاوض بين لبنان و"اسرائيل"، معلناً انتهاء مهمته عند هذا الحدّ، وتسليم الأمر الى رئيس الجمهورية (بموجب المادة 52 من الدستور اللبناني) وقيادة الجيش والحكومة.
وبالفعل، بعد سنتين من المفاوضات غير المباشرة بين الطرفين (التي انطلقت مبدأياً من خط هوف)، وقيام لبنان بالمطالبة بخط 29، وبالتالي ردّ اسرائيل بالمطالبة بالخط رقم 1، وصلت الأمور الى خواتيمها اليوم، ومن المفترض أن يكون المفاوض اللبناني متسلحاً بالقوة التي تمتلكها المقاومة، والتي أعلن السيد حسن نصرالله أنها لمساعدة الدولة اللبنانية، وأن حزب الله لن يتدخل في الترسيم أو الخطوط بل سيقبل بما ستقوله الدولة اللبنانية.
بالنتيجة، إن ما ينتظره لبنان اليوم من المفاوضات ومن الردّ الذي سيحمله الوسيط الأميركي هوكشتاين، والتي استغرقت 12 سنة ( 10 سنوات بقيادة الرئيس برّي- وسنتين مع رئاسة الجمهورية والجيش اللبناني) أن تصل الى خواتيمها بالنسبة لترسيم الحدود، وأن ترفع الضغوط القصوى عن لبنان وهما هدفين مترابطين لا يمكن فصلهما.
أما من يطالبون اليوم، بالعودة الى السقف الاعلى الذي بدأ به لبنان قبل أن تبدأ المفاوضات ويتهمون الآخرين بالخيانة، فهم ثلاث فئات:
- فئة لا تريد للبنان أن يزدهر وأن يبقى تحت الضغوط القصوى.
- فئة من المزايدين في كل شيء والذين يرفعون السقف في كل شيء لأن كلامهم لا يرتب مسؤوليات.
- وفئة البسطاء من غير المطلعين (المتأثرين بكلام الفئة الأولى والثانية) وهم غير مدركين أن ما سيتم التوصل اليه اليوم هو نتيجة المفاوضات وليس بدايتها.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق