تتبادل كل من الحكومة الأوكرانية من جهة، وروسيا
وجمهورية دونيتسك الشعبية من جانب آخر الاتهامات بالقصف الصاروخي الذي استهدف محطة
كراماتورسك، وفي وقت سابق كانت كل من كييف وموسكو قد تبادلتا الاتهامات بمجزرة
بوتشا. وكما هو متوقع، اتهم الغرب روسيا بالقيام بالمجزرة ودعا قادة غربيون الى
محاسبة بوتين والجيش الروسي على تلك "الارتكابات" المزعومة.
وبغض النظر عن الجهات الضالعة بتلك الارتكابات، والتي
تحتاج تحقيقاً شفافاً وحيادياً لكشفها والحكم عليها، يواجه العالم منذ قيام
التدخلات العالمية باسم حقوق الإنسان، ما يسمى معضلة "الخطر الاخلاقي Moral Hazard، وهي تعني قيام بعض الجهات بأعمال إبادة أو
تطهير عرقي أو ارتكابات جسيمة وذلك بغية تحفيز التدخل الخارجي، أو استجلاب
الإدانات العالمية لنظام من الصعب الاطاحة به.
"معضلة
الخطر الاخلاقي" – نظرية معتمدة جدًا
في تأمين السيارات- ترمز الى حالة تشجع بطريقة غير متعمدة، أعمالاً غير مرغوبة،
وذلك لان القائمين بهذه الاعمال يشعرون بأنهم محميين بشكل كامل من نتيجة أعمالهم.
وبتعريف أوضح، يعني "الخطر الاخلاقي"، تحفيز لاشخاص أو مؤسسات للقيام
بأعمل خطرة لا يقومون بها عادة، وذلك لاعتقادهم ان أحدًا ما سيتحمل تبعة أعمالهم
ونتائجها وتداعياتها اذا كانت سيئة للغاية.
بتطبيق هذا الامر على التدخل الخارجي، نستطيع ان نقول
انه في حال شعرت مجموعة داخل دولة ما انها لا تشعر بالاكتفاء، أو تريد تغيير
النظام القائم والوصول الى السلطة لكنها لا تستطيع لانها ضعيفة، او لأن ميزان
القوى ليس في صالحها، فانها تقوم بأعمال إجرامية، تتجاوز الحد المعقول وذلك لتحفيز
المجتمع الدولي على التدخل بحجة فظاعة الجرائم التي ارتكبت. وهكذا، كلما زاد حد
الاجرام، لكي يبلغ حد الابادة او الجرائم الكبرى الموصوفة، كلما كان طلب التدخل
الدولي لايقاف الانتهاكات والمجازر أسهل.
لقد أظهرت الحرب في أوكرانيا، أنه بالتوازي مع الحرب
العسكرية الدائرة والتي ينخرط فيها الناتو دعماً لأوكرانيا تسليحاً وتدريباً
وقيادة، فإن الحرب الاعلامية والسياسية الدائرة تجعل من مرحلة ما بعد الحرب
العسكرية، لا تقل ضراوة عن الحرب العسكرية. إن نجاح الروس في تحقيق أهدافهم من
التدخل العسكري في أوكرانيا سينقل الصراع الى الآليات الدولية القضائية لاتهام الروس
بجرائم حرب وجرائم ضد الانسانية.
الأكيد
أنه سيكون من الصعب على الغرب أو أي محكمة دولية عالمية، جلب أي متهم روسي الى
المحاكمة، لذا فإن الهدف سيكون مرتكزاً على أمرين:
1- منع
بوتين من التنقل بحرية في العالم، فبعد قيام الغرب وحلفائه بفرض العقوبات التي
تمنعه من التنقل في الدول التي فرضت العقوبات، سيكون هناك محاولة منعه من السفر
الى الدول التي وقّعت على نظام روما الأساسي (المحكمة الجنائية الدولية).
2- محاولة
تشوية صورة بوتين العالمية كمجرم حرب، وبالتالي إثبات صحة ما قاله بايدن مراراً
لوسائل الاعلام، وحتى قبل وصوله الى سدة الرئاسة في الولايات المتحدة الأميركية،
وتعيير كل من سيتعامل مع روسيا في المستقبل بأنه يتعامل مع مجرمي حرب.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق