تتخبط إدارة الرئيس الأميركي جو بايدن، في كيفية
التصرف لمواجهة التقدم الروسي في أوكرانيا، وتحاول أن تدفع الحلفاء دفعاً الى
إتخاذ قرارات ليس لصالحهم، وذلك عبر طرق فيها الكثير من الاستخفاف بمصالح الآخرين
الحيوية بل ومضّرة بهم الى حدٍ بعيد. ويمكن الإشارة في هذا الإطار الى ما يلي:
1- في
وقت سابق قد دعت الإدارة الأميركية بولندا الى إعطاء طائراتها (ميغ – 29) الى
أوكرانيا، على ان تقوم واشنطن بتعويضها بطائرات أف 16.
بالطبع، لم يقع البولنديون في الفخ، وأعربت بولندا عن
استعدادها لوضع طائراتها من طراز ميغ-29
"فورًا ومجانًا" في تصرف الولايات المتحدة ونقلها إلى قاعدة
رامشتاين في ألمانيا، الأمر الذي رفضه الأميركيون معتبرين أن هذا قد يجرّهم الى
حرب مع الروس!!.
2- هذا
الأسبوع، ذكرت وسائل إعلام أميركية أن الولايات المتحدة أثارت بشكل غير رسمي مع
تركيا إرسال أنظمة دفاع صاروخي روسية الصنع من طراز أس - 400 إلى أوكرانيا،
لمساعدتها في محاربة القوات الروسية.
وكشف العديد من المسؤولين الأميركيين أن قيام تركيا
بهذا الأمر، "قد يعيد فتح باب إعادة أنقرة إلى برنامج صناعة مقاتلات "أف
- 35" الأميركية الذي خرجت منه قبل ثلاث سنوات، بسبب شرائها نظام الدفاع
الجوي الروسي "أس - 400".
وطلبت إدارة الرئيس جو بايدن من الحلفاء الآخرين الذين
يستخدمون معدات وأنظمة روسية الصنع، بما في ذلك أس - 300 وأس - 400، التفكير في
نقلها إلى أوكرانيا، لصدّ الغزو الروسي.
بالطبع، ليس من مصلحة تركيا التخلي عن أنظمتها
الدفاعية التي تحمّلت العقوبات والكثير من الضغوط الأميركية في وقت سابق للحصول
عليها، زد على ذلك أن الطلب الأميركي هو مبدأياً مقابل "وعود" قد لا تتحقق،
وبحسب المسؤولين الأميركيين، إن هذا التصرف التركي "قد يعيد" (ليس
مضموناً) فتح الباب لشراء طائرات أف -35.
هذا بالإضافة الى أن خطوة كهذه، وهي صعبة التحقق
تقنياً ولوجستياً بالأساس، ستدفع الروس الى اعتبار تركيا دولة عدوّة، وسيؤدي قطع
العلاقات مع الروس الى تضرر الاقتصاد التركي الذي يرتبط بعلاقات تجارية واقتصادية
وسياحية وطاقوية مع روسيا.
إن هذين المثالين، يشيران الى أن الإدارة الأميركية
تتصرف بناءً على أهدافٍ ثلاث:
أ- أما
أنها تريد أن تدفع حلف الناتو الى حرب مع روسيا ولكنها لا تريد أن تكون هي البادئة.
لذلك، تدفع أحد دول الناتو الى استفزاز الروس ليردوا، فيتم تفعيل المادة 5 من
معاهدة الحلف، فتنشب الحرب بين الروس والناتو، ويتهمون بوتين بإشعالها.
ب- تريد أن
تورّط حلفاءها في دعم كييف، فإن نجحوا في إفشال العملية الروسية قطفت الإدارة
الأميركية النتائج، وإن فشلوا تملصت منهم.
ت- تحاول أن
تمارس الشعبوية أمام الجمهور الأميركي والغربي المتعاطف مع أوكرانيا، وبالتالي
تريد أن تنزع عنها صفة أنها حرّضت كييف ضد موسكو وتركتها لمصيرها.
بكل الأحوال، إن تلك النصائح والعروض الأميركية ورفض
الحلفاء، تشي بأن القدرة الأميركية على الضغط تتراجع، ولأنه عملياً ومنطقياً: إذا
أردت أن تطاع اطلب المستطاع.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق