ما زالت قضية المبادرة الخليجية التي حملتها الكويت الى لبنان، تتفاعل سياسياً واعلامياً خاصة بعدما قام وزير الخارجية اللبناني عبدالله بو حبيب بتسليم رسالة جوابية من لبنان، ترحب بعودة الحياة الى العلاقات اللبنانية الخليجية وتدعو الى تشكيل لجان مشتركة بين لبنان والدول المعنية لبحث الأزمة.
وأكّد وزير الخارجية الكويتي، الشيخ أحمد ناصر المحمد الصباح، أنّ "دول الخليج تسلّمت ردّ لبنان على مقترحات لتخفيف حدة التوتر، وستدرسها قبل تحديد الخطوة المقبلة في الأزمة الدبلوماسية"، واعتبر أن الرسالة "خطوة إيجابية من قبل المسؤولين اللبنانيين، وسيتم إبلاغ الالجهات المعنية في الكويت ودول الخليج".
وبكل الأحوال، يبدو من الرسالة الخليجية، والتي يتطابق مضمونها تقريباً مع البيان السعودي الفرنسي المشترك الذي أعلن خلال زيارة ماكرون الى الخليج، أن التصعيد الخليجي – خاصة السعودي- تجاه لبنان لن يتم تخفيفه قبل الانتخابات النيابية أقلّه. ويمكن أن نشير الى الاسباب التالية :
- الانتخابات النيابية:
يعتقد الأميركيون ومعهم كل من فرنسا والسعودية أن بمقدورهم قلب نتيجة الانتخابات النيابية وبالتالي الحصول على غالبية نيابية في الانتخابات القادمة، وذلك بعدما استثمروا اعلامياً وسياسياً ودبلوماسياً في الازمة الاقتصادية والاجتماعية التي حلّت بلبنان لتوجيه الرأي العام نحو مسؤولية جزء من السلطة السياسية وإعفاء جزء آخر.
إن فشل الثورة في القيام بالتغيير الشامل في لبنان والاطاحة برئيس الجمهورية والتيار الوطني الحر وإضعاف ح زب الله، فرض الانتقال الى الخطة ب، والتي تقوم على زيادة الضغط على اللبنانيين للتصويت لخيارات مختلفة تؤدي الى تغيير عبر الانتخابات، بعدما تبين أن التغيير في الشارع صعب جداً في لبنان.
ولهذا الغرض، من الصعب التخفيف من وطأة الأزمة الاقتصادية قبل حصول الانتخابات وتحقيق النتائج المرجوة، وتخفيف الضغوط السياسية والدبلوماسية والاقتصادية التي تقوم بها دول الخليج على لبنان.
- إن الضغوط على لبنان يجب أن تبقى من ضمن حدّين: الأول لا يسمح بالانهيار التام الذي يؤدي الى انفجار اجتماعي وفوضى سياسية وأمنية، ما يسمح ل ح ز ب الله باستغلال الأمر لفرض الاستقرار عبر وسائل يتحاشى استخدامها الآن...والحدّ الثاني الذي لا يسمح بإراحة اللبنانيين والانتقال الى الاصلاح المؤدي الى إنفراجات سياسية وإقتصادية، ما يجعل من غير الممكن استغلال الازمة انتخابياً.
- يدرك الأميركيون والفرنسيون والخليجيون أن بند نزع سلاح ح ز ب الله في الورقة الخليجية غير قابل للتطبيق- اقلّه على المديين القصير والمتوسط. وبالتالي، إن طرحه يشي بأنه مجرد دفع إضافي (إعلامي وسياسي) للمطالبين بنزع سلاح الحزب على أبواب الانتخابات النيابية.
لو كانت الاطراف التي كتبت الورقة الخليجية تريد مناقشة الأمر من ضمن الحوار للوصول الى صيغة مناسبة للجميع، لكانت اوعزت الى حلفائها في لبنان بتلبية دعوة رئيس الجمهورية الى طاولة الحوار، وحيث كانت "الاستراتيجية الدفاعية" أحد بنودها.
- بالاضافة الى الانتخابات النيابية التي يراها السعوديون بوابة للتغيير السياسي في لبنان، إن الضغط على لبنان يهدف فيما يهدف الى زيادة الضغط الاقليمي على الدول التي لإيران نفوذ فيها. إن المؤشرات الايجابية التي ترشح عن اجتماعات فيينا، والتي تشي بأن اتفاقاً جزئياً بات ممكناً بين الايرانيين والأميركيين، ستدفع المتضررين من هذا الاتفاق، الى زيادة الضغوط في العديد من الساحات، ومنها الساحة اللبنانية.
الأمر الذي يجب التنبه له، هو أن يتخطى الضغط الوسائل السياسية والاقتصادية ليصل الى الضغوط الأمنية، وما عودة داعش للتحرك في كل من سوريا والعراق إلا جزء من ضغوط قديمة متجددة في الاقليم، يجب على لبنان أخذها بعين الاعتبار.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق