يعيش اللبنانيون منذ عام 2019
أياماً صعبة ومأساوية، تزداد قتامة يوماً بعد يوم، ولا يبدو أن الأفق مرشح للكثير
من الحلحلة وتخفيف حقيقي للضغوط إلا بعد تغيير في نتائج الانتخابات النيابية
وتحويل الأكثرية التي تشكّلت عام 2018 الى اقلية، أو تسوية سياسية شاملة في
الاقليم تعيد ايران والولايات المتحدة الأميركية الى الاتفاق النووي ومعهما تسري
تهدئة على الجبهات المعنية ومنها لبنان.
وهكذا، ووصولاً الى
الانتخابات أو التسوية الاقليمية، من المتوقع أن يكون الشد والجذب على أشده بين
المحورين في الساحات المختلفة، وأبرز تلك الساحات هي لبنان، حيث نشهد ما يلي:
- محاولة حثيثة لدفع الامور الى فتنة واقتتال شوارع، تحرج
ح ز ب الله وحلفائه، خاصة التيار الوطني الحر، حيث يتم اتهام الحزب بتوجيه سلاحه
الى صدور اللبنانيين واتهام التيار بتغطية السلاح غير الشرعي وقتل اللبنانيين.
بدأت تلك المحاولات مع قطع الطرقات في 17
تشرين الاول 2019، وصولاً الى الطيونة، وفيها دفع الأمور دفعاً نحو إراقة الدماء
في الشارع مهما كان الثمن.
- الاستمرار في الضغط على اللبنانيين اقتصادياً ومعيشياً،
فالالاعيب التي يقوم بها رياض سلامة لا يبدو أنها مرشحة للتوقف. الواضح أن سلامة
المدعوم أميركياً بشكل علني وواضح، والمطلوب في العديد من الدول الأوروبية بتهمة
الاختلاس وتبييض الاموال وسرقة المال العام، لا يمكن ازاحته من منصبه طالما يقوم
بالمطلوب منه في زيادة "الضغوط القصوى" على اللبنانيين، وبالتالي
استمرار سلامة في منصبه يعني استمرار سياسة الضغوط التي تمنع تفعيل النشاط
الاقتصادي في الداخل.
- ضغوط سعودية هائلة على الخليجيين لمنع مساعدة لبنان،
والواضح أن السعودية كانت تنوي الذهاب الى خيارات أبعد وأقسى مع لبنان، تشبه
سياسات السعودية الصفرية في تعاملها مع ملفات الاقليم كافة. لكن، كما هو واضح، فإن
ما يفرمل اندفاعة السعودية في الضغط على الدول العربية والخليجية لـ
"معاقبة" لبنان، هو القرار الأميركي بابقاء التنفيسة اللبنانية، وعدم
انهيار الوضع اللبناني برمته، لأن ذلك قد يغري العديد من الأطراف الى فرض سيطرتها
أو الدخول الى الساحة اللبنانية من باب الانقاذ أو منع الفوضى الشاملة.
وهكذا، يبدو أن القتال
المستميت على النفوذ في لبنان، والذي يدفع ثمنه اللبناني من حياته وحياة أولاده
وقوته واستقراره المعيشي وأمنه الغذائي، سيبقى مستمراً لغاية الانتخابات أقلّه،
ولان في ذلك مصلحة للمستثمرين بالجوع اللبناني بهدف توجيه الناخبين للتصويت الى
أطراف معينة وحجب الاصوات عما سيسمى "الطبقة السياسية" حيث سيتم تحميل
أطراف محددة وليس "كلن" مسؤولية الخراب. فهل يتكرر السيناريو العراقي في
لبنان؟
من المحتمل أن يتكرر المشهد الانتخابي
العراقي في لبنان في ظل تدفق المال والاعلام، والضغوط السياسية والمعيشية، وإجبار
المجتمع المدني على التحالف مع بعض الاحزاب لقلب النتائج ...
لكن المشكلة أن هناك من يتوهم
أن الانتخابات ستشكّل فارقاً نوعياً في الحياة السياسية اللبنانية، علماً أن لبنان
ومنذ عام 2005 ولغاية 2018 عاش في ظل أغلبية واضحة لقوى 14 آذار، لكنها لم تستطع
أن تحكم أو تطبق أجندتها الخاصة أو تغيّر في السياسة الخارجية للبنان، وبالمقابل،
سيطرت أغلبية من التيار الوطني الحر وح ز ب الله وحلفائه على المجلس النيابي منذ
عام 2018، لكنها لم تستطع أن تغيّر في أي مسار داخلي أو خارجي، ولم تستطع أن تحكم
أو تطبق أي أجندة خاصة.
مشكلة هذه الاستراتيجية انها عاجزة عن رؤية أن لبنان محكوم بالتوافق والتوازن، والذي يعتقد أن أغلبية نيابية تستطيع أن تسيطر هو واهم، لان النظام اللبناني محكوم بقوة الفيتو التي تملكها حتى أقل الفئات عدداً، وبالتالي تصبح الاغلبية غير ذي جدوى في القرارات الأساسية.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق