ينتظر
اللبنانيون على أحرّ من الجمر وصول المحروقات من إيران ووصول النفط العراقي، وذلك
على أمل ان تتحسن التغذية بالطاقة الكهربائية وتتحسن الطوابير على المحطات، وتتحرك
عجلة الاقتصاد قليلاً.
وإذا كان الوضع
المعيشي صعباً، فإنه سيزداد صعوبة على أبواب فتح المدارس، حيث ستلهب الأقساط
المدرسية والقرطاسية والنقل اللبنانيين، وستجعل الأزمة التي عاشوها في الربيع
والصيف أكثر حدّة في الخريف والشتاء.
ومع هذه
المؤشرات الاقتصادية المقلقة، لا يبدو أن أفق تشكيل الحكومة قد أطلق خارجياً، في
ظل تعنت بعض الفرقاء الاقليميين، الذين ينتظرون تغيّر موازين القوى لحصد المكاسب
في لبنان لذا يندفعون الى التعطيل، علماً أن الوقت لا يلعب لصالح هؤلاء الذين
يدفعون الأمور دفعاً الى مزيد من التدهور، علّهم يحصلون من اللبنانيين على تنازلات
في مجالات استراتيجية عدّة؛ ويمكن أن نشير الى المؤشرات التالية:
1- بدء ردّ الفعل الهجومي
منذ ثورة 17
تشرين ولغاية اليوم، تمّ تطبيق العديد من الخطط التي تهدف الى تغيير موازين القوى
في لبنان، وذلك لإحراج حزب الله وحليفه
التيار الوطني الحر، وإخراجهما من معادلة السلطة والحكم في لبنان، وللحصول على
تنازلات أخرى متعلقة بملف الحدود البحرية وتوطين اللاجئين وسواها.
أما اليوم، وبعد
الاعلان عن قدوم البواخر الايرانية الى لبنان، فيمكن القول أن الخيار الهجومي الذي
اتخذه حزب الله - بعدما اكتفى على مدى سنتين بامتصاص الفعل بدون أي رد فعل- سيجعل
من القدرة على اللعب على عامل الوقت لإخضاع اللبنانيين غير ذي جدوى.
2- خرق جدار الحصار على سوريا
من حيث تريد أو
لا تريد، أعلنت السفيرة الأميركية في لبنان، فتح كوّة في جدار الحصار المفروض على
سوريا بموجب قانون قيصر. وإذا كان الهدف من الضوء الأخضر الذي منحته السفيرة
لاستجرار الكهرباء من الاردن، والغاز من مصر الى لبنان، هو إراحة الوضع اللبناني،
ومنع حزب الله من كسب التأييد في لبنان بحلّ أزمة المحروقات، لكن التنسيق مع سوريا
وإعطاء سوريا حصة من الغاز والكهرباء التي ستمر عبر أراضيها ستؤدي الى تخفيف
الضائقة التي يعاني منها المجتمع السوري بفعل الحصار المفروض أميركياً.
3- رفع نفوذ مصر كدولة اقليمية
منذ مجيء أوباما
الى المنطقة عام 2009، وبدء جولته الاقليمية من القاهرة، بدت مصر مرشحة أميركياً
لتزعم دور ريادي عربي في المنطقة.
ولكن الربيع
العربي لم يجر كما كان مخطط له، فدخلت مصر في ثورة ثانية تصحيحية للثورة الأولى،
وضُربت بالارهاب وعدم الاستقرار. وبالرغم من أنه – في وقت لاحق- بدت مصر على أهبة
الانخراط بدور أكبر في النزاع السوري، عبر تأسيس "منصة القاهرة" عام
2017، إلا أن التطورات الدولية والميدانية أبعدت الحل السياسي المرتقب وضاع
معها الحديث عن عودة سوريا الى الجامعة
العربية.
واليوم، يبدو من
التشجيع الأميركي للتكامل المصري مع المشرق العربي، وخاصة تفعيل اتفاقية التكامل
بين الاردن والعراق ومصر، بالاضافة الى الدعوة الاميركية اليوم لمصر والاردن للعب
دور في تخفيف حدّة الازمة اللبنانية، وقبلها الدور المصري في دعم الحريري لرئاسة
الحكومة (لم يستطع تخطي الفيتو السعودي عليه) الخ... كلها تشير الى أن مصر قد تكون
مرشحة للعب دور موازن عربياً لكل من ايران وتركيا في بلدان المشرق العربي، خاصة
بعدما بدت السعودية غير قادرة على لعب دور تسووي في المنطقة لانخراطها في الحروب
في تلك الدول حيث كسبت الأعداء، بالإضافة الى سياسة "الحرد" التي تتبعها
حالياً في لبنان.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق