في 22 آذار/مارس من عام 2019، وخلال زيارة وزير
الخارجية الأميركي السابق مايك بومبيو الى بيروت، وضع اللبنانيين بين خيارين: إمّا
مواجهة حــــزب الله، وإمّا دفع الثمن. وما أحجم بومبيو عن تفسيره، قام به في مرات
عدّة وخلال لقاءات إعلامية، مساعد وزير الخارجية الأميركي لشؤون الشرق الأوسط ديفد
شينكر الذي حدد ما هو المطلوب من اللبنانيين في مواضيع عدّة منها موضوع ترسيم
الحدود البحرية وموضوع حـــــزب الله وغيرها.
أدّت سياسة "الضغوط القصوى" التي قام بها
الرئيس ترامب، الى تسريع وتيرة الانهيار الاقتصادي اللبناني وتعميقه، علماً أن ذلك
الانهيار تتحمل مسؤوليته بالأساس وبالدرجة الأولى، مسيرة 30 سنة من النهب المنظم
لخزينة الدولة والفساد، وطبقة سياسية فاسدة متوحشة انتقلت من نحر اللبنانيين خلال
الحرب، الى قتل مستقبلهم وأرزاقهم خلال السلم المفترض. وحتى لو كانت، الضغوط
الخارجية لها تأثير هام في الانهيار، لكن الحقيقة التي يجب أن تقال، أن أدوات
لبنانية هي من نفذت، وطبقت، وأثرت من خلال عمالتها للخارج.
ولقياس نتائج خطة بومبيو للبنان ومدى تحقيقها للأهداف
المزمعة منها، نجد ما يلي:
-
بسبب سلسلة من السياسات المصرفية الجشعة
والشديدة المخاطر، وبعد تزايد الضغوط الخارجية، انهارت البنوك اللبنانية، وخسر
اللبنانيون ودائعهم. وهكذا، وبعد الضغوط على بيئته (الذي بدأ منذ فترة طويلة) قام
ح ز ب الله بتحويل التهديد الى فرصة ليقوم
بتأسيس نظامه المصرفي الخاص (القرض الحسن)، فتخلّص من الرقابة المالية على
تحويلاته، واستفاد المودع في القرض الحسن، الذي يستطيع أن يستخدم بطاقته المصرفية
ليسحب أمواله بالدولار الأميركي بينما يعجز عن ذلك اللبنانيون في بنوكهم التقليدية.
-
لطالما صرّح الأميركيون، ومنهم جيفري
فيلتمان (خلال شهادته في الكونغرس في تشرين الثاني 2019)، ان الأميركيين يدعمون
القوى الأمنية اللبنانية لتوازن القوة العسكرية التي يملكها ح زب الله، ولمنعه من
مدّ نفوذه الأمني على الساحة اللبنانية.
وفي هذا الإطار، يمكن أن نسأل كيف حققت الضغوط القصوى
هذا الهدف، بعدما أدى انهيار العملة المحلية اللبنانية الى إفقار القوى الأمنية
بحيث أنها لا تستطيع أن تؤمن الأكل لجنودها، وأدّت الى انهيار معاش العسكري الذي
يتقاضاه بالليرة اللبنانية، بينما يدفع الحزب لأفراده بالدولار الأميركي؟.
-
نبّه فيلتمان، خلال تلك الشهادة في
الكونغرس نفسها، من مغبة تقويض الاستقرار اللبناني، وحذّر من الحرب الأهلية،
معتبراً أن الحرب "ستسمح لإيران ببسط نفوذها في لبنان". كما اعتبر أن أي
فراغ يتركه الأميركيون في الساحة اللبنانية، سيؤدي الى توسّع الدور الروسي في
الإقليم والمتوسط، وحذّر قائلاً " ماذا لو استغلت روسيا موانئ لبنان الثلاثة
ومخزونات الهيدروكربون البحرية؟ ستفوز في شرق وجنوب المتوسط، على حسابنا؟"،
كما حذّر من الاستغلال الصيني لاي فراغ يتركه الأميركيون في الساحة، وخلص الى أن
" لبنان مكان للمنافسة الاستراتيجية العالمية، وإذا تنازلنا عن الأرض، سيملأ
الآخرون الفراغ بسعادة".
وعليه، وبما أن الواقعية في العلاقات الدولية تشير الى مسلمة أساسية مفادها " نحكم على الظاهرة السياسية بنتائجها، ونحكم على الوسيلة بمدى تحقيقها للأهداف،" لذا من المجدي أن نقيّم بالفعل، أي نتائج حققتها سياسة الضغوط القصوى، وهل كانت الوسائل المستخدمة هي الأفضل لتحقيق الأهداف؟....إن النظر الى وضع اللبنانيين، والفئات تمّ سحقها بالانهيار الاقتصادي، يعطينا الأجوبة المطلوبة.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق