ليلى
نقولا
لا
شكّ أن أحوال منطقة الشرق الأوسط تتبدل بشكل سريع، حيث نجد أن العديد من المؤشرات تشير
الى تسارع وتيرة الحلول الدبلوماسية في المنطقة، ومن تلك المؤشرات:
- إعلان رئيس الوفد الايراني المفاوض في فيينا عباس عراقتشي أنه تمّ
الاتفاق على رفع العقوبات عن معظم الأفراد الذين شملتهم العقوبات الاميركية، وعن قطاعات
الطاقة والصناعة والتعاملات المالية والسيارات وهناك قائمة طويلة بأسماء الأفراد والكيانات
التي سيتم رفع العقوبات عنها أيضاً. بالإضافة الى إعلان مصادر إيرانية الى قناة الميادين
عن أنّ واشنطن ستفرج عن 4 إيرانيين معتقلين لديها وتحرير مبلغ 7 مليار دولار من الأموال
الإيرانية المجمدة لدى الولايات المتحدة وتسديده إلى إيران، في المقابل ستفرج طهران
عن 4 أميركيين تتهمهم بالتجسس لصالح الاستخبارات الأميركية.
- إعلان ولي العهد السعودي في مقابلة تلفزيونية أن "إيران دولة
جارة، وكل ما نطمح له أن يكون لدينا علاقة طيبة ومميزة مع إيران". وأضاف :
"لا نريد وضع إيران أن يكون صعباً، بالعكس نريد إيران مزدهرة وتنمو، لدينا مصالح
فيها، لديهم مصالح في المملكة العربية السعودية لدفع المنطقة والعالم للنمو والازدهار".
وبدا الأمير متفائلاً بإمكانية الوصول إلى تفاهمات حول المشاكل التي تعتري العلاقة
بين البلدين قائلاً: "نعمل اليوم مع شركائنا في المنطقة وفي العالم لإيجاد حلول
لهذه الإشكاليات، ونتمنى أن نتجاوزها وأن تكون علاقة طيبة وإيجابية فيها منفعة للجميع".
- قلق إسرائيلي وإعراب عن خيبة أمل، إذ نقل الاعلام الاسرائيلي أن الرئيس
الأميركي جو بايدن وخلال اجتماعه مع رئيس "الموساد" يوسي كوهين "أنصت
وأبدى أيضاً تعاطفاً مع القلق الاسرائيلي من العودة الى الاتفاق النووي" بحسب
ما قال بن ديفيد، لكنه رغم ذلك "أبقى على الانطباع بأنه مُصر على العودة إلى الاتفاق
النووي السابق كنقطة انطلاق، وهو يعتقد أنه بعد ذلك يمكن إجراء تحسينات عليه".
وخلص بن ديفيد الى أن مسألة العودة الى الاتفاق الى الاتفاق باتت خلال أيام وليس شهور.
- إعلان تركي عن "عهد جديد" للعلاقات التركية المصرية الجديدة
بعد سنوات من التوتر بعد البلدين على اثر الثورة المصرية التي أطاحت بحكم الأخوان المسلمين
عام 2013.
وهكذا،
نجد أن المنطقة تسير بشكل متسارع نحو حلحلة العقد المستعصية والخلافات المتجذرة التي
بدأت مع بداية الربيع العربي وازدادت حدّة مع سياسة الضغوط القصوى التي قام بها دونالد
ترامب، وستؤدي هذه الحلحلة الى تسويات سيكون لبنان أحد أركانها، ومن المرجح أن ينتج
عنه تخفيف التوتر بنتيجة التفاهمات السعودية الإيرانية، والتي ستطيح بخيار سعد الحريري
لتشكيل الحكومة بحال استمر الفيتو السعودي عليه شخصياً، والذهاب الى خيار رئيس وزراء
جديد يعكس نتائج التسوية الايرانية السعودية ( حين تنضج).
أما
على الصعيد الداخلي، فيبقى لبنان عالقاً في كماشة توتر داخلية، حيث تقوم قوى السلطة
بمعركة يا قاتل يا مقتول عنوانها "نريد عفواً عاماً عن الجرائم المالية التي ارتكبناها
خلال 30 سنة بعد الطائف، تماماً كما حصلنا على عفو عام عن الجرائم الجنائية التي ارتكبناها
خلال الحرب الأهلية"، وتقوم بمعركة ضارية بوجه الرئيس عون الذي ما زال يؤكد إصراره
على التدقيق الجنائي بالرغم من كل محاولات التفلت والمماطلة وحرب الشيطنة والاغتيال
المعنوي التي يتعرض لها.
وهكذا، بات اللبنانيون أمام خطر جدّي بأن تضيع مدخراتهم وأموالهم وأرزاقهم بإفلات السلطة السياسية من العقاب، كما ضاعت أرواحهم خلال الحرب، عندما مارست الميليشيات القتل والخطف والإخفاء القسري وأفلتت أخيراً من العقاب... هذه هي معركة الشعب اللبناني الأساسية اليوم، فهل تخذله التسويات الجديدة في المنطقة كما تمّ خذلانه سابقاً بعد تسوية الطائف ضمن شعار "عفا الله عما مضى"؟.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق