ليلى نقولا
طغت
مواقف البطريرك بشارة الراعي والمطران الياس عودة في عظات الأحد على المشهد السياسي
والاعلامي، خاصة انتقادهما القاضية غادة عون وما قامت به من مداهمة لمكاتب مكتّف بعدما
تمنّع عن تسليم المستندات المطلوبة في قضية تهريب الأموال الى الخارج. علماً أن ردّ
القاضية عون لم يتأخر، فأجابت في تغريدة على تويتر بالقول " للتذكير فقط لمن لم
يقرأ قانون أصول المحاكمات الجزائية، فإن المادة ٢٤ تعطي الحق للنائب العام في الاستقصاء
وجمع الأدلة والتحقيق والمداهمة عند الاقتضاء لضبط الأدلة التي يحاول المشتبه بهم اخفاءها.هذا
من صلب مهام النيابة العامة وإلا لا يمكن كشف أي جريمة".
وقد
تكون هذه المواقف التي أطلقت غير مستغربة بالنظر الى مواقف الطرفين السابقة. لكن، قد
يكون من المفيد الإضاءة على بعض المواضيع الاساسية والملحة بالنسبة للمسيحيين، والتي
كان من المفترض أن تتطرق لهما عظات الأحد:
1- مقاومة حرب تجويع اللبنانيين
وهو
الأمر الأول والأكثر أهمية وإلحاحاً، حيث كان يفترض بالآباء أن يوجهوا الكنائس والمدارس
والمستشفيات التابعة لسلطتهما بمساعدة المواطنين في هذه اللحظات العصيبة التي تشبه
الى حد بعيد الأوضاع التي أدّت الى موت ثلث سكان جبل لبنان بالمجاعة خلال الحرب العالمية
الأولى.
أين
موقف مسؤولي الكنائس اليوم من موقف البطريرك حويك، الذي واجه قرار تجويع اللبنانيين
من قبل العثمانيين، والذي قاوم بما استطاع من وسائل المخطط العثماني الذي عبّر عنه
أنور باشا بقوله “قضينا على الأرمن بالحديد، وسنقضي على اللبنانيين بالمجاعة”؟.
ألا
يستشعر البطريرك والمطران أن هناك مخططاً واضحاً لتجويع اللبنانيين اليوم، وبالتالي
عليهما أن يكونا على قدر المسؤوليات الملقاة
على عاتقهما، فيقوما،على الأقل، بتقليد البطريرك الحويك الذي وضع الامكانات المالية
والعقارية للكنيسة في تصرف الفقراء، وحوّل الاكليروس الى "مقاومة" اجتماعية
وانسانية مهمتهما مكافحة مخطط التجويع، فتمّ تأمين الأكل والمساعدات لفقراء لبنان من
جميع الطوائف بدون استثناء.
الأكيد،
إذا لم يكن بنيّة هؤلاء مقاومة مخطط التجويع كما فعل البطريرك الحويك والمطران عريضة،
فعلى الأقل ينتظر الشعب المسيحي من كنائسه ورعاتها أن يتصرفوا على أساس أنهم مسؤولين
عن "جماعة المؤمنين"، لا أن يدافعوا عن الذئاب التي نهشت لحم الرعية.
- المقدسات في القدس الشرقية
الأمر
الثاني والذي لا يقلّ أهمية بالنسبة للمسيحيين، هو وضع القدس الشرقية، حيث تندلع منذ
أيام أعمال العنف والاشتباكات اليومية، بعدما تظاهرت مجموعة من اليمين المتشدد الاسرائيلي
رافعة شعارات تدعو الى قتل العرب وطردهم من القدس. حتى خارجية الولايات المتحدة (حليفة
اسرائيل) أدانت خطاب الكراهية والدعوة الى العنف الذي أطلقه يهود متشدّدون ضد الفلسطينيين.
نتكلم
عن ضرورة الإشارة الى القدس في عظات الأحد، باعتبارها مكاناً مقدساً للمسيحيين وخسارتها
يعني خسارة جوهر الوجود المسيحي في هذا المشرق، ولا يجب أن يمر تهويد القدس، الذي يحاول
الاسرائيليون فرضه بالقوة، مرور الكرام في وجدان المسيحيين اللبنانيين ومواقفهم وعظات
الكنائس الشرقية، فأي رجاء مسيحي بعودة المسيح مرة ثانية بدون القدس وأهلها ووجود المسيحيين
في هذا الشرق؟.
المطلوب
اليوم من رعاة الكنائس أن يكونوا على قدر التحديات التي يواجهها الشعب اللبناني والمسيحيون
في هذا المشرق. المطلوب الوقوف مع الحق ضد الباطل في قضية نهب المال العام ومحاولات
إفقار اللبنانيين وتجويعهم. كما المطلوب مواقف حاسمة تحفظ حقوق المسيحيين في القدس،
مواقف تشبه ما كتبه المطران جورج خضر في كتابه "القدس" إذ يقول: "لا
فاصل واضحاً بين الزمني والروحي عندما تصير المدينة جلجلة".... "صحيح ان
فلسطين المدعوة أكبر من الأرض، لأنها حدث روحي كبير، ولكن هذا لا يكفيني، فأنا مع هؤلاء
القوم في مظلوميتهم، ومع القدس في نورها".
بكل الأحوال، من يستمع الى عظات الأحد، يحضره قول المسيح: مرتا مرتا تهتمين بأمور كثيرة والمطلوب واحد.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق