تمتد فترة الحجر المنزلي في لبنان، وتدخل الاسبوع الخامس
حيث يبدو أن الاجراءات المتبعة قد اتخدت طابعًا جدّيا وفعالاً، وأن لبنان قد دخل مرحلة
تناقص أعداد الاصابات في ظل عدم تسجيل أي حالات وفاة جديدة بسبب الكورونا.
وبالرغم من هذه المؤشرات الجيدة والمريحة، إلا أن القلق
يسود اللبنانيين مما سيأتي، خاصة في المجالين الاقتصادي والاجتماعي، وذلك على خطين:
-
الخط الأول: الفقراء والعمال والموظفين وأصحاب المهن الحرة الصغيرة، وهؤلاء يعيشون
على وقع قلق مما سيأتي غدًا، وإمكانية العودة الى أعمالهم وبعضهم قد تمّ تسريحه بالفعل، وبعضهم الآخر تم منحه فرصة مفتوحة غير مدفوعة
الأجر...
-
الخط الثاني: الحديث عن الخطة الاقتصادية التي تعدّها الحكومة للخروج من الأزمة الاقتصادية
والمالية التي سبقت وصول كورونا الى لبنان، والتي اضطرت الحكومة الى اعلان عدم قدرة
لبنان على تسديد سندات اليوروبوند، وطلب استشارة من صندوق النقد الدولي للتعامل مع
الأزمة.
وفي هذا الاطار، يقلق اللبنانيون - من الذين يملكون ودائع
كبيرة بالدولار الأميركي- على ودائعهم في البنوك، والتي تتحدث الخطة المالية عن تعرضها
لعملية "هيركات" أو ما تمّ تسميتها "مساهمة المودعين" في تمويل
البنوك عبر إعطائهم حصصًا وأسهم فيها. وقد اقترحت المستشارة الدولية للحكومة، أن تكون
نسبة الهيركات 54% على ثلاث شرائح من الودائع: 79% على الودائع التي تفوق 100 ألف دولار،
130% على الودائع التي تفوق 500 ألف دولار، و173% على الودائع التي تفوق مليون دولار.
والمقلق في الخطة أيضًا، الحديث عن تحرير سعر صرف الليرة
اللبنانية، والتخلي عن تثبيت سعر الصرف(وهو بالطبع لم يعد مجديًا، وهو بالأساس قد كلّف
خزينة الدولة مليارات الدولارات). والحديث اليوم، عن تحرير سعر الصرف تدريجيًا، ليصبح
سعر الدولار في لبنان 3000 ليرة في العام 2024.
القلق في هذا الإطار، يتأتى من حقيقة مرّة قوامها أن
أجور اللبنانيين ومداخيلهم ستتآكل الى النصف، وهي بالأساس تآكلت اليوم بفعل الغلاء
الفاحش الذي ضرب كل شيء بدون حسيب ولا رقيب.
وهكذا، ينام اللبنانيون اليوم على قلق صحي فرضه الوباء
ويصحون على قلق آخر، فرضته عليهم الحال التي وصلوا اليها بعد السرقة والنهب المنظّم
الذي قامت به ميليشيات وأمراء الحرب وأصحاب الوصفات الاقتصادية الذين تولوا الدولة
بعد الطائف. لقد تمّ نهب الدولة اللبنانية من قبل قلّة، بينما الجميع مدعو اليوم لتحمّل
الخسارة.
نعم! اللبنانيون مستعدون لتحمّل خسارة لم يشاركوا في
صنعها لإنقاذ وطنهم، لأن انهياره لن يوفّر أحدًا وسيسقط الهيكل على الجميع. ولكن، على
الحكومة اللبنانية أن تطمئن هؤلاء أن الاموال المنهوبة ستستعاد وان أصحابها سيتعرضون
للمساءلة القضائية، وإلا كانت المساهمة مجرد "بلطجة" وسرقة من جيوب المواطنين،
و"قوننة" لسرقة العصر التي أفلت أصحابها من العقاب ومن تحمّل الخسارة ومن
المساهمة في الحلّ بتهريب أموالهم الى الخارج.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق