في الاسبوع الأخير من آذار، وبعد أسابيع من الحجر المنزلي،
يكتشف اللبنانيون يومًا بعد يوم، أن الأخطبوط المالي الذي يحكمهم وقوى الدولة العميقة
لا تزال تتربص بهم، للفتك بهم ولامتصاص الباقي من لقمة عيشهم وحياتهم، وأن الطبقة السياسية
ما زالت تستخدم نفس الأساليب القديمة في مساراتها السياسية.
في الأسبوع المنصرم، عادت التوترات السياسية على خطوط
عدّة:
1-
خط التعيينات في مصرف لبنان، والتي أعادت الى الأذهان، ذكريات تجييش الشارع مذهبيًا
وبحجج مطلبية لتحقيق مكاسب سياسية. فبعد بيان كتلة المستقبل الذي اعتبر ان خروجه من
الحكومة لا يعني أنه سيقبل بعدم إعطائه حصصًا في التعيينات، وإنه يرفض إقصاء
"أزلامه" من المواقع الرئيسية، بدأت مسيرات التكبير والاستغاثة في طرابلس.
وبالرغم من التعبئة العامة وقرار حظر التجول، دفع المستقبل انصاره للمظاهرات الليلية،
بهدف إرسال رسائل مزدوجة: الاولى أنه ما زال باستطاعته تحريك الشارع في وجه الحكومة
وفي أصعب الظروف الصحية والإنسانية، والثانية ضد وزارة الداخلية لكسر قرارها، خاصة
لأن للمستقبل وحلفائه - على ما يبدو- حساسية من الوزير فهمي بالتحديد.
2-
خط المغتربين اللبنانيين: والذي أظهر حجم الاجحاف الذي تمارسه المصارف اللبنانية على
المغتربين، بحجزها الأموال ومنع تحويل الأموال الى الطلاب في الخارج.
وبالرغم من التوافق الحكومي على أحقية عودة المغتربين،
وضرورة وضع خطة لتأمين هذه العودة بطريقة آمنة ومدروسة ومضبوطة، إلا أن تصعيد الرئيس
برّي في موضوع المغتربين، قد يخفي في طياته خلافًا سياسيًا أكبر مع الرئيس حسان دياب؛
وخاصة أن الرئيس برّي لم يكن من المتحمسين لحكومة دياب في البداية وكان يفضل حكومة
سياسية يترأسها الحريري. ولكن، وبما أن الظروف لم تكن لتسمح بعودة الحريري، فقد عمل
الرئيس برّي على استخدام نفوذه لتأمين النصاب للحكومة في المجلس النيابي، لكن هذا لا
يعني أن الكيمياء التي كانت مفقودة مع دياب قد وُجدت الآن.
3-
دخول الحراك على خط أزمة الكورونا، ليس من باب التبرع للمستشفيات الحكومية أو مساعدة
الأسر الفقيرة، ولكن من باب العودة الى الاعلام والبروباغندا.
بعد أن غاب الحراك ومحرّكيه عن السمع لفترة، وتزامنًا
مع التصعيد المستقبلي في طرابلس، بدأت "قيادات" الحراك بالتحرك إعلاميًا،
فكانت خطة "التصفيق" - المستنسخة من الخارج- والتي اعتبرها بعض الاعلام نجاحًا
للثورة، وتأكيدًا على استمرار قدرة ملهمي الحراك "influencers " على جذب الشارع
اللبناني برمّته.
أما الخط الثاني، فكان اتهام وزير الداخلية بالانتقام
من الخيم وإزالتها، واعتبار الأمر تشفيًا من الثورة، واتهامه بالتعسف ضدها. علمًا أن
جماعة الحراك أنفسهم كانوا أول من طالب بفرض حالة الطوارئ، والتي تسمح للقوى الأمنية
بتعليق العديد من الحقوق والحريات العامة وحقوق النشر وغيرها.
والنتيجة، أن دخول البلاد مرحلة الحجر ومواجهة الكورونا،
وقلق اللبنانيين على مصيرهم خلال وبعد مرحلة الحجر، قد تكون هدنة مرحلية قصيرة، ويبدو
أن العديد من القوى السياسية تستعد لمرحلة ما بعد الكورونا، لمحاولة إسقاط حكومة دياب
أو إغراقها بالمشاكل، بالرغم من أنها أثبتت - لغاية اليوم- أنها أفضل حكومة عرفها لبنان
منذ إتفاق الطائف لغاية اليوم.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق