دخل لبنان الأسبوع الثاني في مرحلة الحجر الصحي، وكما
كان متوقعًا تشددت الحكومة اللبنانية في الاجراءات الجزرية لكل من يخالف قرار التعبئة
العامة التي فرضتها، وسطّرت محاضر ضبط للمخالفين الذين لم يلتزموا بالبقاء في منازلهم
وحيث كان خروجهم بدون مسوغ شرعي.
وقد يكون لافتًا مطالبة البعض المستمرة بفرض حالة الطوارئ
العامة وحظر التجول، بالرغم من كل ما يعنيه هذا من حدّ لحركة الناس حتى للخروج لقضاء
أبسط حاجياتهم من شراء مأكل وحاجيات ضرورية للعائلة، وبالرغم من تفسيرات المختصين بالشأنين
العسكري والقانوي والذين أكدوا أن إعلان " التعبئة العامّة" يأتي في موقعه
بالنسبة للمخاطر التي يعانيها لبنان حاليًا، والتي ليست من طبيعة عسكرية لكي يتم إعلان
حالة الطوارئ، التي تعطي الجيش الحقّ باتخاذ كافة التدابير التي تسهّل له مقاومة أي
اعتداء على الوطن.
هذا في الشكل القانوني، أما في فعالية التدابير الصحيّة
التي اتخذتها الحكومة، فنجد أنه - ولأول مرة منذ اتفاق الطائف- يشعر اللبنانيون أنهم
أمام فرصة حقيقية لتأسيس دولة. دولة يدرك المعنيون فيها كيف يتصرفون وكيف يحمون مواطنيهم،
بدليل أن الاجراءات المعتمدة في لبنان لمواجهة الوباء، أثبتت أنها أفضل بكثير من تلك
التي اعتمدتها بعض الدول الاوروبية المتقدمة.
ولكن هذه النظرة الإيجابية، لا يجب أن تجعل الحكومة تدفن
رأسها في الرمال أو تنام على حرير، فالقادم من الايام- خاصة بعد انتهاء فترة الحجر
والطوارئ الصحية- سيكون صعبًا جدًا من الناحيتين الاقتصادية والاجتماعية والمعيشية.
إن فترة الطوارئ الصحية اليوم، قد أعطت مهلة للحكومة
لدراسة كيفية مواجهة الوضع النقدي والمالي، والتفكير الجدّي في سبل حماية المودعين
الذين أمعنت المصارف في سرقة أموالهم، لذا عليها أن تتحضر لفترة ما بعد الحجر الصحي
للإجابة على هواجس اللبنانيين في هذا الشأن.
على الحكومة أن تتحسب لمرحلة ما بعد التعبئة، حين يعود
اللبنانيون الى أشغالهم المعطّلة منذ تشرين الاول 2019، حيث ستجد العديد من الأسر اللبنانية
نفسها في مستوى ما تحت خط الفقر، بالإضافة الى دخول العديد من العمال في البطالة، هذا
ناهيك عن عدم قدرة اللبنانيين على دفع مستحقاتهم والضرائب الباهظة التي تثقل كاهلهم
بالأساس.
من هنا، على الحكومة اللبنانية أن تستعد لفترة ما بعد
الطوارئ الصحية، فتكون مستعدة لتقديم الاجابات الصحيحة والفعّالة تمامًا كما تعاملت
مع الوباء الزاحف، وإلا ستكون أمام تهديد حقيقي، حيث تتجدد الاحتجاجات، وبالطبع سوف
تستغل الأطراف السياسية المعارضة تلك المشاكل ووجع الناس للتصويب على الحكومة وكأنها
هي المسبب لتلك المشاكل وليس وارثة لها.
ورثت الحكومة اللبنانية برئاسة حسان دياب، تحدّيات كثيرة
ومتراكمة منذ سنوات، وقد أتت أزمة الكورونا لتضيف تحديات جديدة تجد معظم دول العالم
نفسها عاجزة أمامها، ولكن الأداء الصحي والأمني لحكومة الرئيس حسان ديّاب خلال هذه
الأزمة يجعلنا نتطلع أن يكون الأداء الاقتصادي والمالي مماثلاً، وأن تكون الأولوية
هي حماية المواطن ولقمة عيشه وحماية المودعين، كما نأمل بأن لا تسقط الحكومة في فخ
نصائح مستشاري البنوك. تجربة مكافحة الكورونا، أعطت علامات جيدة للحكومة، فعسى أن لا
تسقط في امتحان لقمة عيش اللبنانيين وودائعهم.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق