ليلى نقولا
يومًا بعد يوم تتكشف فصول
المؤامرات على لبنان، منذ قرر حاكم مصرف لبنان فجأة عام 2017 أن المصرف لن يدعم
القروض الاسكانية بعد الآن، ثم اتخذ قرارًا موازيًا برفع أسعار الفائدة على
الودائع، مما ضرب الاقتصاد اللبناني بالصميم... ثم توالت القرارات، مع استمرار
تأكيد الحاكم على سلامة الليرة وسلامة الوضع النقدي.
وإذا كان رئيس الجمهورية
اللبنانية العماد ميشال عون، وخلال عودته من نيويورك، وعند سؤاله عن السبب في
ارتفاع سعر الدولار اللبناني في السوق بدون مقدمات، كان جوابه "اسألوا رياض
سلامة ووزير المال"... وهو جواب كان فيه من الدقة والشفافية ما لم يستطع فهمه
بعض الإعلاميين والناشطين، حيث أن وزير المال وفي أوقات سابقة لم يكن شفافًا في
مصارحته اللبنانيين حول وضع االخزينة، عندما تحدث عن إعادة جدولة الدين ثم تراجع،
ولم يكن شفافًا وصريحًا في اعلان تكلفة سلسلة الرتب والرواتب، التي تبين أن لا
إمكانية للخزينة بإيرادتها الحالية على تأمين تغطيتها.
وهكذا، نجد أن ما يحصل
اليوم من خوف على أمن اللبنانيين الغذائي مقابل دفع الديون الخارجية، وكشف
اللبنانيين أمام عدم القدرة على شراء الطحين والأدوية والمحروقات، كان يمكن تفاديه
في وقت سابق، لو تمت مصارحة اللبنانيين بعمق الأزمة، ولو قامت الحكومات اللبنانية
السابقة بإجبار رياض سلامة على تقديم كشوفات حقيقية، أو لو تمت إقالته قبل ثلاث
سنوات حين كان طرح رئيس الجمهورية الجدّي بضرورة تغيير رياض سلامة بحاكم آخر.
اليوم، نجد أن ما يقوم به
رياض سلامة يشبه الى حد بعيد ما قام به منذ ثلاث سنوات، حين دفع الأموال الطائلة
للوبيات للضغط لبقائه في وظيفته وتلميع صورته، باعتباره "الحاكم
الاستثنائي" الذي بدونه لا يمكن للبنان أن يستمر، وها هو اليوم يقوم بتشغيل
نفس اللوبيات للتهويل على الدولة اللبنانية في حال لم تدفع استحقاق سندات
اليوروبوند للدائنين في 9 آذار المقبل.
وهكذا، يتبين أن الضغط
الداخلي والخارجي لدفع الاستحقاقات في آذار مصدره سلامة وأصدقائه المتمولين في رأس
الدولة العميقة (البنوك)، بالرغم من
معرفتهم بأن هذه وصفة لإقلاس لبنان، ويبقى السؤال لماذا؟
الجواب الأوّلي يكمن في
وجوب افلاس لبنان لتمرير صفقة القرن، فالهدف الذي سعى له الرئيس الراحل رفيق
الحريري منذ التسعينات كان ملاقاة "السلام الآتي" بالاستدانة الهائلة من
أجل أن يقوم المجتمع الدولي بشطب ديون لبنان مقابل توطين الفلسطينيين. واليوم، وفي
عزّ الحديث عن تلك الصفقة لا يمكن إلا أن نفكر في هذا السيناريو.
والتحليل الأعمق يدفعنا الى
مراجعة نشاط سلامة السابق في تطبيق عقوبات أميركية على لبنانيين من أفراد ومصارف
(عقوبات غير أممية) والصلاحيات الاستثنائية التي طلبها ولم تقبل بها الحكومة
اللبنانية (دافع عنها علنًا المنسق الخاص للأمم المتحدة في لبنان يان كوبيش!!)،
بالاضافة الى تستّره على الأموال المهرّبة الى خارج لبنان بعد أزمة 17 تشرين، قد
يدفعنا الى الشكّ بأن سلامة بالفعل يريد للبنان أن يعلن إفلاسه تمهيدًا لوضع اليد
عليه من الخارج ووضعه تحت ما يشبه الوصاية
الدولية وإجباره على اتخاذ اجراءات ضد المقاومة ، فما عجزت عنه الحروب
العسكرية والحروب الاقتصادية يريد سلامة تنفيذه عبر دفع لبنان الى الافلاس التام.
وسواء كان الهدف توطين
الفلسطينيين أو إعلان افلاس لبنان لأهداف أخرى، يبقى ان على الحكومة اللبنانية ان
تسائل رياض سلامة على كل ما فعله وتستّر عليه، وإلا سنجد أنفسنا أمام أخطار
اقتصادية ونقدية أكبر عاجلاً أم آجلاً.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق