تزايدت مؤخرًا الحملات ضد اللاجئين السوريين في تركيا، وقام الاتراك بترحيل المئات من السوريين قسرًا الى إدلب كما أفادت بعض التقارير، خاصة أولئك الذين لا يملكون أوراقًا قانونية.
وبعد أن كان السوريون المعارضون يتغنون بالمعاملة التركية لهم، خاصة في عهد أردوغان، يبدو أن التطورات بدأت تفرض واقعًا جديدًا قد تكون أبرز أسبابه ما يلي:
أولاً: نجاح المعارضة في اكتساح المدن التركية الرئيسية، مكلفة حزب العدالة والتنمية خسارات كبرى لأول مرة منذ عام 2002.
وتشير التقارير الى أن ارتفاع البطالة الى أعلى معدلاتها منذ سنوات، وقد وصل في بداية عام 2019 الى 14,7% وهو أمر يعيده الاتراك الى المزاحمة السورية غير الشرعية للعمال الأتراك.
ولقد تعذّر على حزب العدالة والتنمية الدفاع عن سياسة الابواب المفتوحة للاجئين السوريين خلال الانتخابات البلدية الأخيرة، لذا اضطر ان يقطع وعودًا بترحيل السوريين لطمأنة قواعده الانتخابية، وبالتالي عليه أن يستمر في هذه السياسة خوفًا من تكرار الخسارة في الانتخابات البرلمانية والرئاسية عام 2023.
ثانيًا: يريد أردوغان من خلال التضييق على السوريين في تركيا، أن يحثّ الاتحاد الاوروبي على الالتزام بتعهداته المالية لتركيا، وكان وزير الداخلية التركي سليمان صويلو قد اتهم الاتحاد الأوروبي بترك تركيا وحيدة في عمليات مواجهة الهجرة غير الشرعية، مهددًا بأنه في حال تخلت تركيا عن وعودها بمكافحة الهجرة غير الشرعية، فإن لن يكون بإمكان أي حكومة أوروبية البقاء في السلطة أكثر من 6 أشهر.
وبالفعل، رضخ الاوروبيون للابتزاز وأقرّت المفوضية الأوروبية في 19 تموز الجاري ما قيمته 1,41 مليار يورو، لدعم اللاجئين في تركيا، ما يرفع مبلغ المساعدات المقدمة حتى الآن من الاتحاد الى تركيا إلى 5,6 مليار يورو.
ثالثًا: ما زال أردوغان يحلم بإقامة منطقة آمنة في الشمال السوري، وهو يطمح من خلال التضييق على السوريين وتهديد الغرب بأن يقبل الأميركيين وحلف الناتو بالتخلي عن الاكراد لصالح تركيا والمنطقة الآمنة التي يريدها أردوغان، والتي ستشكّل مكانًا يرحّل اليه اللاجئين السوريين فيرتاح من الضغوط الداخلية ويحقق حلمًأ لطالما راوده منذ بدء الأزمة السورية ولغاية اليوم.
في المحصلة، يبدو أن الحملة ضد السوريين في تركيا لن تتوقف بل ستتكثف، إذا ما نظرنا الى الغليان الذي يعانيه الشارع التركي بسبب ما يعتبره تمييزًا لصالح اللاجئين السوريين الذين يعملون ولا يدفعون ضرائب ويدخلون الى المستشفيات مجانًأ وغيرها...وإذا ما أضفنا الى ما سبق، خشية أردوغان من أصدقائه السابقين الذين ينوون الانشقاق، خاصة رئيس الوزراء السابق أحمد داوود أوغلو ووزير الاقتصاد السابق علي باباجان، اللذين ينويان تأسيس حزبين جديدين، فإن هواجس أردوغان الداخلية، وخوفه من خسارة شخصية أمام وزير الاقتصاد السابق والذي يعود له - كما يقال- الفضل بتحقيق المعجزة الاقتصادية التركية، والذي يمكن أن يشكّل قبولاً لدى القواعد الشعبية كونه كان عضوًا في حزب العدالة والتنمية وسينظر اليه الناخبون باعتباره "المنقذ" من الكوارث الاقتصادية التي يعيشها الاتراك، فإن وضع السوريين في تركيا لن يكون سهلاً.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق