تدخل
العقوبات الأميركية على إيران هذا الاسبوع منعطفًا حاسمًا، حيث تنتهي فترة الإعفاءات التي منحتها الإدارة الأميركية
الى بعض الدول التي تستورد النفط من إيران، وتمّ تهديد تلك الدول بمواجهة العقوبات
الأميركية في حال استمرت في تعاملاتها مع ايران
بعد 2 أيار الجاري.
وكان
ترامب قد بدأ سلسلة الضغوط على إيران بالانسحاب من الاتفاق النووي، والتهديد بالحرب
وبدعوة العرب الخليجيين الى تشكيل "ناتو عربي" لمواجهة إيران وأنشطتها في
المنطقة، وفي الوقت نفسه أعلن قبوله التفاوض مع الإيرانيين من غير شروط مسبقة، الأمر
الذي رفضه الايرانيون بشدة، وحظّر المرشد علي خامنئي على حكومة الرئيس حسن روحاني عقد
أي محادثات مع الولايات المتحدة، معتبرًا أن "انسحاب أميركا من الاتفاق النووي
برهان واضح على أن أميركا لا يمكن الوثوق بها، حيث إنها لا تفي بتعهداتها في المحادثات".
وبعد
رفض الإيرانيين دعوة ترامب للحوار في صيف 2018، لجأ ترامب الى فرض عقوبات اقتصادية
قاسية على إيران - وهو السيف الذي يشهره ترامب على كل من يعارض سياساته من الدول أو
لا يرضخ له - مراهنًا على "إخضاع" النظام الإيراني وجرّه الى طاولة المفاوضات
بعد أن تكون العقوبات قد أفقرت الشعب الإيراني فتدفعه الى الشارع للضغط على النظام،
ما يؤدي الى "زعزعته"، فيهرع الى تقديم التنازلات للأميركيين أملاً في تخفيف
الضغوط الاقتصادية عنه.
بالطبع
لن يهرع الايرانيون لتقديم التنازلات لترامب، لكن النظام الايراني المعروف ببراغماتيته،
لن يألو جهدًا لتخفيف وطأة الضغوط الإقتصادية عن شعبه، لذا نجد حصول تغيير في لهجة
ممثلي الحكومة الايرانية، فبعد إعلان بومبيو أن الهدف من زيادة العقوبات النفطية في
أيار الجاري هو "عودة ايران الى طاولة المفاوضات، وتغيير تصرفاتها الاقليمية..."،
رد الرئيس الإيراني حسن روحاني بالقول إن المفاوضات مع الولايات المتحدة ممكنة، ولكن
بشرط "رفع الضغوط التي تفرضها واشنطن، وإبداء الاحترام".
إذًا،
لم يعد هناك "حظر تام" على المفاوضات الايرانية مع الاميركيين، ولكن ما الذي
يمكن أن ينتظره الايرانيون من تلك المفاوضات؟
- أولاً، إن تجربة
كوريا الشمالية في مفاوضاتها مع الادارة الأميركية لا تبدو مشجعة. ففي الوقت الذي أبدى
فيه الكوريون الشماليون انفتاحًا على المطالب الأميركية، لم يقدم الأميركيون أي حوافز
للتقدم في المفاوضات، بل عمد بولتون الى محاولة إفشال الاتفاق بشتى الوسائل.
- ثانيًا: إن الغطرسة
والغرور التي تتصف بها إدارة ترامب سوف تحرج المفاوض الايراني إذ ستكون المطالب الأميركية
على طاولة المفاوضات أكبر من قدرة الايرانيين على تقديم التنازلات فيها، كالتخلي عن
البرنامج الصاروخي أو التفاوض عليه من ضمن الاتفاق النووي، وهو البرنامج الذي منع تدخل
عسكري خارجي أو شنّ حرب على إيران.
ثالثًا:
إن الضغوط التي يمكن أن يمارسها الاسرائيليون على الادارة الأميركية، كتقليص الدعم
لحزب الله وحماس والانسحاب من سوريا وغيرها، ستحدّ من قدرة المفاوض الايراني على الاستمرار
في التفاوض، كونها الأوراق التي ساهمت في تحويل ايران الى دولة اقليمية نافذة.
في
المحصلة، قد لا يُرجى الكثير من المفاوضات بين الايرانيين والأميركيين - في حال حصلت
- لكن يبقى أن الايراني يمكن أن يذهب الى المفاوضات للمفاوضات فحسب، عسى أن يمر الوقت،
وتتغيّر الادارة الاميركية بعد سنتين، حينها تخرج ايران من حرب العقوبات بأقل خسارة
ممكنة.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق