ما زالت شخصية ترامب تثير الكثير من التساؤلات والانتقادات على الصعيدين الداخلي والخارجي. في الداخل تشتد الانتقادات لترامب بسبب شخصيته المثيرة للجدل، وبسبب تغريداته وتصريحاته التي لم يعرف الجمهور الأميركي مثيلها في تاريخ رؤساء الولايات المتحدة، كما بسبب التحقيق الذي تجريه السلطات حول تدخل روسيا المزعوم في الانتخابات الأميركية والتي أوصلت ترامب إلى السلطة.
أما على الصعيد الخارجي، فتتباين نظرة العالم إلى ترامب؛ فمن ناحية هو يتجه بسرعة وتهوّر كبيرين إلى الحروب الاقتصادية - يفرض العقوبات الاقتصادية على العالم ويهدد بالحمائية وفرض التعريفات الجمركية ويخلّ بأسس الاقتصاد والتجارة العالميتين- ومن ناحية ثانية هو غير معني بالحروب العسكرية ولا يريد التدخل العسكري في أي بلد، وغير معني بتغيير الأنظمة بالقوة، ولكنه في الوقت نفسه يبني جيشاً أميركياً هائل القدرات ويسلحه بأحدث التجهيزات ويكرّس للدفاع أعلى موازنة وأكثرها طموحاً في تاريخ الولايات المتحدة الحديث.
نعم، قد يكون ترامب غير معني بالحروب العسكرية كونه يأتي من خلفية رجال الأعمال، وليس من الصقور المؤمنين بقدرة القوة العسكرية على تحقيق هيمنة أميركية على العالم، بالإضافة الى أن تجربة الأميركيين مع الاستخدام المفرط للقوة الصلبة قد أدّى إلى عكس ما يحلمون به من هيمنة إمبراطورية أميركية على العالم، نظّر لها المحافظون الجدد على عهد بوش ولكنها أتت بنتيجة معاكسة، حيث أدّت إلى تراجع النفوذ الأميركي في العالم، وازداد إلهام الشعوب وثقتها بقدرتها على تحدي الهيمنة الأميركية على دولها.
ولكن، في المقابل يقوم ترامب اليوم بحرب فعلية وحقيقية، فهو يفرض عقوبات على روسيا وتركيا وإيران وغيرها من الدول، والتي تؤثر بشكل كبير على اقتصادها وعلى عملتها، كما يقوم بفرض التعريفات الجمركية ويعتمد الأساليب الحمائية التي تضرّ بالاقتصاد الأوروبي والصيني وتزعزع أسس وقواعد التجارة العالمية التي أقرّت مع منظمة التجارة العالمية.
وهكذا، يكون في شخصية ترامب وفي سلوكه الخارجي، تناقض هائل، فالقول بأنه غير معني بالحروب العسكرية تدحضه التجارب التاريخية التي تؤكد أن الحروب العالمية، أو على الأقل الحرب العالمية الأولى نشأت بشكل أساسي بسبب السعي نحو زيادة القوة سواء العسكرية أو الاقتصادية.
لقد شهدت الفترة من 1875 وحتى عشية اندلاع الحرب العالمية الأولى سباقاً محموماً بين الدول الرأسمالية في أوروبا الغربية، والتي كانت تعاني من أزمات اقتصادية وانخفاض معدلات الربح (وهو ما كان يعانيه الاقتصاد الأميركي ومعظم اقتصاديات أوروبا الغربية عند مجيء ترامب) مما دفعها للبحث عن أسواق جديدة في القارات الأخرى، آسيا وأفريقيا وأميركا اللاتينية، لتصريف الإنتاج، ولتصدير رأس المال كحل لأزمة انخفاض الربح... وهذا السباق المحموم أدّى إلى الحرب العالمية الأولى.
إذاً، هل يتجه العالم إلى حرب كبرى، يشعلها التنافس الاقتصادي، والعقوبات الاقتصادية والحرب التجارية التي يشعلها ترامب في أرجاء العالم والسباق المحموم بين الولايات المتحدة وباقي الدول الكبرى على الأسواق لتصريف الإنتاج ولتصريف فائض الرأسمال للشركات عبر الوطنية؟.
يمكن الاستعانة بالتجارب التاريخية للحروب العالمية، للقول إن الحروب التجارية وسباق التسلح المحموم الذي يشهده العالم والذي يغذيه ترامب عادة ما تؤدي إلى حروب عسكرية، للإجابة بنعم... لكن الردع النووي، وقدرة الدول على التدمير المتبادل المؤكد، وانتشار الأنماط الجديدة من الحروب ومنها الحروب اللامتماثلة (حيث تستطيع قوة صغيرة أن تهزم قوة عاتية) والحروب السيبرانية (والتي لا تحتكر تقنياتها الولايات المتحدة والقوى العالمية الكبرى وحدها)... تجعل من قيام حرب عالمية كبرى بالمعنى الكلاسيكي للكلمة، صعبة التحقق لأن لا أحد رابح فيها بالإضافة إلى عدم اليقين حول نتائجها...
إنطلاقاً مما سبق، يمكن القول إن ما يقوم به ترامب على الصعيد الاقتصادي، سيدفع إلى مزيد من التوتر على الساحة العالمية، ولكنه لن يدفع إلى حرب عالمية كبرى، بل يعني فقط استمرار الحروب بالوكالة بين القوى الكبرى، بالإضافة إلى إعادة هندسة التحالفات العالمية التي ستفرضها المصالح الاقتصادية. أما المسرح العالمي لتلك الحروب، فيبدو لغاية اليوم: ساحة الشرق الأوسط الذي يستخدمه ترامب لمحاولة احتواء إيران وإخضاعها، وشرق ووسط آسيا لاحتواء النفوذ الصيني المتصاعد والتي حدد ترامب بأنها "أخطر من روسيا وأن من ينظرون إلى روسيا ويتجاهلون الصين هم أغبياء".
أما على الصعيد الخارجي، فتتباين نظرة العالم إلى ترامب؛ فمن ناحية هو يتجه بسرعة وتهوّر كبيرين إلى الحروب الاقتصادية - يفرض العقوبات الاقتصادية على العالم ويهدد بالحمائية وفرض التعريفات الجمركية ويخلّ بأسس الاقتصاد والتجارة العالميتين- ومن ناحية ثانية هو غير معني بالحروب العسكرية ولا يريد التدخل العسكري في أي بلد، وغير معني بتغيير الأنظمة بالقوة، ولكنه في الوقت نفسه يبني جيشاً أميركياً هائل القدرات ويسلحه بأحدث التجهيزات ويكرّس للدفاع أعلى موازنة وأكثرها طموحاً في تاريخ الولايات المتحدة الحديث.
نعم، قد يكون ترامب غير معني بالحروب العسكرية كونه يأتي من خلفية رجال الأعمال، وليس من الصقور المؤمنين بقدرة القوة العسكرية على تحقيق هيمنة أميركية على العالم، بالإضافة الى أن تجربة الأميركيين مع الاستخدام المفرط للقوة الصلبة قد أدّى إلى عكس ما يحلمون به من هيمنة إمبراطورية أميركية على العالم، نظّر لها المحافظون الجدد على عهد بوش ولكنها أتت بنتيجة معاكسة، حيث أدّت إلى تراجع النفوذ الأميركي في العالم، وازداد إلهام الشعوب وثقتها بقدرتها على تحدي الهيمنة الأميركية على دولها.
ولكن، في المقابل يقوم ترامب اليوم بحرب فعلية وحقيقية، فهو يفرض عقوبات على روسيا وتركيا وإيران وغيرها من الدول، والتي تؤثر بشكل كبير على اقتصادها وعلى عملتها، كما يقوم بفرض التعريفات الجمركية ويعتمد الأساليب الحمائية التي تضرّ بالاقتصاد الأوروبي والصيني وتزعزع أسس وقواعد التجارة العالمية التي أقرّت مع منظمة التجارة العالمية.
وهكذا، يكون في شخصية ترامب وفي سلوكه الخارجي، تناقض هائل، فالقول بأنه غير معني بالحروب العسكرية تدحضه التجارب التاريخية التي تؤكد أن الحروب العالمية، أو على الأقل الحرب العالمية الأولى نشأت بشكل أساسي بسبب السعي نحو زيادة القوة سواء العسكرية أو الاقتصادية.
لقد شهدت الفترة من 1875 وحتى عشية اندلاع الحرب العالمية الأولى سباقاً محموماً بين الدول الرأسمالية في أوروبا الغربية، والتي كانت تعاني من أزمات اقتصادية وانخفاض معدلات الربح (وهو ما كان يعانيه الاقتصاد الأميركي ومعظم اقتصاديات أوروبا الغربية عند مجيء ترامب) مما دفعها للبحث عن أسواق جديدة في القارات الأخرى، آسيا وأفريقيا وأميركا اللاتينية، لتصريف الإنتاج، ولتصدير رأس المال كحل لأزمة انخفاض الربح... وهذا السباق المحموم أدّى إلى الحرب العالمية الأولى.
إذاً، هل يتجه العالم إلى حرب كبرى، يشعلها التنافس الاقتصادي، والعقوبات الاقتصادية والحرب التجارية التي يشعلها ترامب في أرجاء العالم والسباق المحموم بين الولايات المتحدة وباقي الدول الكبرى على الأسواق لتصريف الإنتاج ولتصريف فائض الرأسمال للشركات عبر الوطنية؟.
يمكن الاستعانة بالتجارب التاريخية للحروب العالمية، للقول إن الحروب التجارية وسباق التسلح المحموم الذي يشهده العالم والذي يغذيه ترامب عادة ما تؤدي إلى حروب عسكرية، للإجابة بنعم... لكن الردع النووي، وقدرة الدول على التدمير المتبادل المؤكد، وانتشار الأنماط الجديدة من الحروب ومنها الحروب اللامتماثلة (حيث تستطيع قوة صغيرة أن تهزم قوة عاتية) والحروب السيبرانية (والتي لا تحتكر تقنياتها الولايات المتحدة والقوى العالمية الكبرى وحدها)... تجعل من قيام حرب عالمية كبرى بالمعنى الكلاسيكي للكلمة، صعبة التحقق لأن لا أحد رابح فيها بالإضافة إلى عدم اليقين حول نتائجها...
إنطلاقاً مما سبق، يمكن القول إن ما يقوم به ترامب على الصعيد الاقتصادي، سيدفع إلى مزيد من التوتر على الساحة العالمية، ولكنه لن يدفع إلى حرب عالمية كبرى، بل يعني فقط استمرار الحروب بالوكالة بين القوى الكبرى، بالإضافة إلى إعادة هندسة التحالفات العالمية التي ستفرضها المصالح الاقتصادية. أما المسرح العالمي لتلك الحروب، فيبدو لغاية اليوم: ساحة الشرق الأوسط الذي يستخدمه ترامب لمحاولة احتواء إيران وإخضاعها، وشرق ووسط آسيا لاحتواء النفوذ الصيني المتصاعد والتي حدد ترامب بأنها "أخطر من روسيا وأن من ينظرون إلى روسيا ويتجاهلون الصين هم أغبياء".
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق