في 7 كانون الثاني 2015 انضمت دولة فلسطين الى نظام روما الأساسي وقبلت فلسطين اختصاص المحكمة على الجرائم التي تمّ ارتكابها «في الأراضي الفلسطينية المحتلة، ومن ضمنها القدس الشرقية، منذ 13 حزيران 2014». وبالرغم من الانضمام وتقديم الطلب الفلسطيني إلا أن المحكمة لم تبدأ إجراءات التحقيق تمهيدًا للمحاكمة.
ولقد تقدم الفلسطينيون خلال أيار الماضي، وبعد سلسلة من الارتكابات الاسرائيلية بحق الفلسطينين العزل، بطلب جديد الى المحكمةالجنائية الدولية للتحقيق في الجرائم المرتكبة من قبل الاسرائيليين؛ ومنها الاستيطان، والفصل العنصري، والقيام بجرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية والتي تتجلى في تشريد الفلسطينيين، والقتل العمد، والاعدام خارج إطار القانون، والمصادرة غير القانونية للأراضي، وهدم منازل الفلسطينيين وممتلكاتهم، وكذلك ممارستها للاعتقال التعسفي والتعذيب على نطاق واسع.
وبالرغم من وضوح هذه الجرائم وارتكابها على الملأ وبطريقة علنية وقيام العديد من المنظمات الدولية والاقليمية بتوثيقها، تذرعت اسرائيل بأن الطلب الفلسطيني "سخيف" لأن "فلسطين ليست دولة" ولأن "اسرائيل ليست عضوًا في نظام روما الأساسي".
من هنا، كان لا بد من تفنيد الذرائع الاسرائيلية:
1- فلسطين "الدولة" كشرط لاختصاص المحكمة
في 22 كانون الثاني 2009 أودع وزير العدل في الحكومة الفلسطينية لأول مرّة اعلاناً يقبل بممارسة المحكمة الجنائية الدولية لولايتها القضائية بشأن «الافعال التي ارتكبت في الأراضي الفلسطينبة منذ الأول من تموز 2002» وذلك بموجب المادة 12 من نظام روما الاساسي التي تحدد الشروط المسبقة لممارسة اختصاصها.
في 22 كانون الثاني 2009 أودع وزير العدل في الحكومة الفلسطينية لأول مرّة اعلاناً يقبل بممارسة المحكمة الجنائية الدولية لولايتها القضائية بشأن «الافعال التي ارتكبت في الأراضي الفلسطينبة منذ الأول من تموز 2002» وذلك بموجب المادة 12 من نظام روما الاساسي التي تحدد الشروط المسبقة لممارسة اختصاصها.
وقد اختلفت الآراء القانونية بشأن الصلاحية القانونية للتحقيق في الجرائم الاسرائيلية؛ حيث اعتبر البعض في المحكمة ان المادة 12 من نظام روما لا تنطبق على فلسطين لأنها ليست دولة معترف بها دولياً، ودفع البعض الآخر باتفاقية أوسلو للقول إن السلطة الفلسطينية قد تنازلت عن حقها في مقاضاة اسرائيليين بموجب تلك الاتفاقية.
وكان على انضمام فلسطين الى الجنائية الدولية أن يتأخر الى 7 كانون الثاني 2015 حين أعلنت المحكمة انضمام دولة فلسطين إلى نظام روما الأساسي وقبلت فلسطين اختصاص المحكمة على الجرائم التي تمّ ارتكابها "في الأراضي الفلسطينية المحتلة، ومن ضمنها القدس الشرقية، منذ 13 حزيران 2014".
وبناءً على ذلك بدأت المدعية العامة الدولية فاتو بنسودا دراسة أوّلية للحالة في فلسطين في 16 كانون الثاني 2015.
وفي 16 كانون الأول 2017، انتخبت جمعية الدول الأعضاء في المحكمة الجنائية الدولية، دولة فلسطين عضوًا في مكتب جمعية الدول الأعضاء في المحكمة الجنائية الدولية.
وهذا يعني أن فلسطين هي دولة كاملة العضوية في نظام روما الأساسي وأن التذرع الاسرائيلي بعدم اختصاص المحكمة لأن فلسطين ليست دولة لا يمكن الاعتداد به بعد قبول المحكمة بعضوية دولية فلسطين، علمًا أن المحكمة لا تقبل عضوية غير الدول، وهذا يعني أن فلسطين استوفت شروط الانضمام للمحكمة ويمكن اعتبارها دولة.
2- اسرائيل ليست عضو في نظام المحكمة
بالمبدأ، تمارس المحكمة اختصاصها فيما يتعلق بجريمة معينة: أ) إذا أحالت دولة طرف إلى المدعي العام حالة يبدو فيها أن جريمة أو أكثر قد ارتكبت. ب) إذا أحال مجلس الأمن، متصرفاً بموجب الفصل السابع من ميثاق الأمم المتحدة، حالة إلى المدعي العام يبدو فيها أن جريمة أو أكثر من هذه الجرائم قد ارتكبت.
ج) إذا كان المدعي العام قد بدأ بمباشرة تحقيق فيما يتعلق بجريمة من هذه الجرائم وفقاً للمادة 15.
ولكن يضيف نظام روما الأساسي حالات أخرى يمكن الاستناد اليها من ضمن "الشروط المسبقة لممارسة الاختصاص"، وهي المدرجة في المادة 12(2)، فإنه يجوز للمحكمة أن تمارس اختصاصها إذا كانت "الدولة التي وقع في إقليمها السلوك قيد البحث" طرفُ في النظام الأساسي أو قبلت باختصاص المحكمة.
من هنا، فإن إدعاء اسرائيل بأنها ليست طرفًا وبالتالي ليس للمحكمة اختصاص عليها يصحّ فيما لو كانت الجرائم المرتكبة بد حصلت على أراضٍ "اسرائيلية، لكن وبما أن ممارسة اسرائيل للقتل العمد وارتكاب جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية قد حصلت على "الأراضي الفلسطينية" فهذا عامل يسمح لفلسطين بمقاضاة الاسرائيليين على ارتكابهم هذه الجرائم، استنادًا الى أن الجرائم قد حصلت على ارض دولة عضو في نظام روما الأساسي وقد قبلت اختصاص المحكمة للنظر في هذه الجرائم (المادة 12/ 2- أ).
بكل الأحوال، إن قبول المحكمة بالاضطلاع بمهمة التحقيق في تلك الجرائم التي حصلت على أرض فلسطين، لا يعني أن المعوقات السياسية والضغوط الدولية لن تكون عائقًا أمام تحقيق العدالة الدولية، لكن يبقى أن اثبات الحق الفلسطيني في هذا الشأن أساسي، عسى أن تتبدل الظروف الدولية يومًا فيكتسب الفلسطينيون القوة اللازمة لمحاسبة اسرائيل على جرائمها المرتكبة في غزة والضفة الغربية والتي تضاف يوميًا الى جريمة احتلال الأرض وتشريد أهلها في الأساس.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق