د. ليلى نقولا الرحباني
لم تكن نتائج الانتخابات
الأميركية مفاجئة، فقد توقع المراقبون منذ مدة أن الجمهوريون سوف يسيطرون على الكونغرس
بمجلسيه وأنهم سينجحون في ولايات كانت محسوبة تاريخيًا على الديمقراطيين، بسبب فشل
إدارة الرئيس باراك اوباما في العديد من القضايا الداخلية التي طرحها، ومنها على سبيل
المثال لا الحصر، قضية اوباما كير، بالاضافة الى موضوع الارهاب في الشرق الأوسط والملف
النووي الايراني.
الأكيد، أنه بعد هذه النتائج
سيكون هناك صراع بين الرئيس وإدارته وبين الكونغرس، وبينه وبين الجمهوريين الذين سيحاولون
منعه من تحقيق أي إنجاز في الفترة المتبقية من حكمه، لقطع الطريق على أي مرشج للحزب
الديمقراطي للوصول الى البيت الأبيض.
ولكي تكتمل فصول الحرب
الدائرة بين الاثنين، ستكون المواضيع السياسة الداخلية والخارجية محور تنازع وأخذ وردٍ بين الاثنين، وسيطغى على مواضيع
السياسة الخارجية مواضيع الحرب على الإرهاب، وموضوع العلاقة مع ايران والملف النووي
الايراني الذي حُدد له الرابع والعشرين من تشرين الثاني لتوقيع الاتفاق، علمًا أن الجميع
قد صرحوا بأن تلك المهلة ليست مقدسة ويمكن ان تمتد المفاوضات الى ما بعد هذا التاريخ.
وسيكون طبيعيًا انتقال
هذه الحرب الى الاعلام، ومحاولة تشويه صورة الرئيس وإظهاره أنه "ضعيف الشخصية،
متخاذل أمام الأعداء، متردد وعاجز الخ.."
ومن هذا المنطلق يمكن أن
نفهم تسريب صحيفة «وول ستريت جورنال» الأميركية عن مصادر مطلعة قولها، أن الرئيس الأميركي
باراك أوباما بعث سراً برسالة إلى المرشد الأعلى للجمهورية الإيرانية السيد علي خامنئي
في منتصف تشرين الأول الماضي، وأن المرشد الاعلى لم يرد عليها.
وأضافت أن أوباما شدد لخامنئي
على أن أي تعاون ضد «داعش» يتوقف إلى حد كبير على التوصل إلى اتفاق شامل بين إيران
ومجموعة الدول الست الكبرى حول مستقبل البرنامج النووي لطهران.
قال مسؤولون أميركيون للصحيفة
أنها الرسالة الرابعة التي يوجهها أوباما منذ توليه منصبه في العام 2009 إلى المرشد
الإيراني، إن المرشد الاعلى للجمهورية الإيرانية «لم يرد أبداً شخصياً» على هذه الرسائل.
بالمبدأ، قد يكون موضوع
الرسالة صحيحًا وليس مستغربًا، خاصة أن ايران قوة اقليمية يحسب لها حساب في منطقة الشرق
الاوسط وآسيا الوسطى، والأميركيون يحتاجون الى التعاون الايراني في ملفات عدّة في العراق
وأفغانستان والخليج وغيرها، وفي موضوع النزاع السوري والحرب على الارهاب. ولكن، لا
يبدو أن الصحيفة كانت فقط تريد التركيز على موضوع التعاون الأميركي مع إيران، بل كانت
تريد تمرير رسالة واضحة من خلال التسريب مفادها إن "رسائل أربعة أرسلت من قبل
اوباما ولم يرد عليها المرشد"، وإن إهانات للرئيس الأميركي قد حصلت من قبل الايرانيين،
وإن أوباما قد جعل كرامة الرئاسة الأميركية في الحضيض في تعامله مع إيران.
لا يمكن لعاقل يعرف السياسة
الايرانية أن يتوقع أن المرشد قد وجّه إهانة شخصية للرئيس الأميركي، وليس مرة واحدة
بل أربع مرات!! الإيرانيون أذكى من ذلك. ومن غير المعقول أن يكون الرئيس الأميركي قد
تعرّض للإهانة مرة وأعاد الكرّة أربع مرات!! لهذا يبدو واضحًا أن جهات نافذة في الاعلام
والسياسة الأميركية ومرتبطة بشكل كبير باللوبي اليهودي الداعم لإسرائيل، لا تريد للرئيس
الأميركي أن يخرج بإتفاق مع إيران حول ملفها النووي، وإن حصل هذا الإتفاق، فهي تريد
أن تمنع الرئيس من أن يظهره وكأنه إنتصار شخصي له ولإدارته، يتركه وراءه كإرث يذكره
له التاريخ. لهذا، ستشتد المعركة الإعلامية كلما اقترب الملف من نهايات سعيدة، فنتنياهو
الذي انتصر في معركة سابقة ضد الرئيس اوباما في الداخل الأميركي، سيحاول أن لا يدعه
يفلت هذه المرة أيضًا.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق