د. ليلى نقولا الرحباني
لطالما احتلت قضية فلسطين موقعًا هامًا في الوجدان العربي، واعتُبرت بحق من أكثر القضايا المعاصرة إشكالية وتعقيدًا. عام1947 صدر قرار الامم المتحدة رقم 181 بتقسيم فلسطين الذي تبنته الجمعية العامة، أعقبه اعلان دولة اسرائيل في 15 أيار 1948 التي سرعان ما تم الاعتراف بها واكتسبت قانونية في الامم المتحدة، بينما ساهمت الانقسامات العربية والتشرذم كما طمع بعض الدول العربية بالاراضي الفلسطينية، في تأخير اعلان الدولة الفلسطينية المستقلة التي نص عليها قرار التقسيم، فخسر الفلسطينيون دولتهم منذ ذلك الحين بسبب غياب الرؤية الاستراتيجية العربية، وانعدام التنسيق. وها هم اليوم، بعد مرور ست ستين عامًا على اعلان الاسرائيليين دولتهم، يطالبون بـ "حل" رفضوا أفضل منه - بتحريض من العرب- في ذلك الحين.
ولعله من المفيد، وخاصة للأجيال الجديدة التي لم تطلع بشكل كافٍ على مسار القضية ، أن نذكر كيف تمّ سلب فلسطين في الأمم المتحدة، حين عقدت الجمعية العامة للأمم المتحدة يوم 28 نيسان 1947 جلسة خاصة بالقضية الفلسطينية تقرر فيها تشكيل لجنة دولية للتحقيق، فأوصت بتقسيم فلسطين إلى:
- دولة عربية: تتكون حدودها من الجليل الغربي ونابلس الجبلية والسهل الساحلي الممتد من أسدود جنوب يافا حتى الحدود المصرية، بما في ذلك منطقة الخليل وجبل القدس وغور الأردن الجنوبي، وتبلغ مساحة هذه الدولة 12 ألف كيلومتر مربع.
- دولة يهودية: تتألف من الجليل الشرقي ومرج بن عامر والقسم الأكبر من السهل الساحلي ومنطقة بئر السبع والنقب، وتبلغ مساحة هذه المنطقة التي تعتبر أخصب الأراضي الفلسطينية 14200 كيلومتر مربع.
- أما الأماكن المقدسة فتشمل مدينة القدس ومنطقتها وتوضع تحت الوصاية الدولية ويعين مجلس الوصاية للأمم المتحدة حاكماً غير عربي وغير يهودي لهذه المنطقة.
وفي جلسة عقدتها الأمم المتحدة في 23 أيلول 1947 تقرر تحويل المشروع إلى لجنة خاصة تشكلت من ممثلين عن كل الدول الأعضاء بما فيهم ممثل يهودي وآخر فلسطيني. رفض المندوب الفلسطيني المشروع بعد استعراض تاريخي لجذور القضية الفلسطينية، في حين أعلن المندوب اليهودي موافقته على المشروع مع مطالبته بضم الجليل الغربي ومنطقة القدس إلى الدولة اليهودية. وفي 29 تشرين الثاني 1947 طرح مشروع التقسيم على التصويت فصودق عليه بأغلبية 33 صوتاً مقابل معارضة 13 صوتاً وامتناع عشر دول عن التصويت.
في 15 آذار 1948 أعلنت بريطانيا انتهاء الانتداب على فلسطين، وأعلنت الجلاء في آب من العام نفسه وأكدت أنها لن تمارس أي سلطات إدارية أو عسكرية. وسرعان ما تم الانسحاب البريطاني في 14 ايار 1948 ليعلن قادة اسرائيل دولتهم في اليوم التالي.
وهكذا اعتبر هذا اليوم أي 15 أيار، نكبة في تاريخ الأمة العربية. ولكن، منذ ذلك التاريخ ولغاية اليوم، تعرضت فلسطين لنكبات أكبر وأخطر، منها ما هو لأسباب خارجية، كما حصل عام 1967 على سبيل المثال، ومنها ما هو فلسطيني بحت كالاشتراك الفلسطيني في الحرب اللبنانية، والوقوف الى جانب صدام حسين في حربه ضد الكويت الخ، ولعل آخرها كانت النكبة التي نُكب بها الشعب الفلسطيني بطريقة التفاعل الفلسطيني مع ما سمي "الربيع العربي" أو بالأحرى إعادة مشروع العثمانية الجديدة تحت مسمى حكم "الإخوان المسلمين".
وبسقوط المشروع، وسقوط حماس بصفتها مقاومة فلسطينية معه، بعد ما قامت به في كل من سوريا ومصر ومبايعتها لأردوغان زعيمًا للعالم الاسلامي، كانت نكبة لفلسطين بكل ما للكلمة من معنى. نكبة فيما لو صحت التقارير التي تقول ان الطلقات الاولى في درعا على الجيش السوري كانت من أنصار حماس. ونكبة فيما لو صحت التقارير التي تقول أن ما اكتسبته حماس من دعم من سوريا وحزب الله، وخاصة الدعم العسكري والسلاح والتعلّم على حفر الانفاق استعملته حماس للانقضاض على النظام السوري بدل العدو الاسرائيلي. وكارثة إن صحّ ما تثيره السلطات المصرية من أن التفجيرات الارهابية التي تحصل في سيناء، قد تكون حماس وراءها.
إن صحت هذه المقولات والادعاءات على حماس، فإن نكبة فلسطين باتت مضاعفة، نكبة بالاحتلال ونكبة بالتنازلات، ونكبة بمقاومتها التي أضاعت بوصلة طريق فلسطين، فمرة كانت تمر في جونيه، ومرة في القاهرة، وأخيرًا باتت تمرّ في دمشق.
لطالما احتلت قضية فلسطين موقعًا هامًا في الوجدان العربي، واعتُبرت بحق من أكثر القضايا المعاصرة إشكالية وتعقيدًا. عام1947 صدر قرار الامم المتحدة رقم 181 بتقسيم فلسطين الذي تبنته الجمعية العامة، أعقبه اعلان دولة اسرائيل في 15 أيار 1948 التي سرعان ما تم الاعتراف بها واكتسبت قانونية في الامم المتحدة، بينما ساهمت الانقسامات العربية والتشرذم كما طمع بعض الدول العربية بالاراضي الفلسطينية، في تأخير اعلان الدولة الفلسطينية المستقلة التي نص عليها قرار التقسيم، فخسر الفلسطينيون دولتهم منذ ذلك الحين بسبب غياب الرؤية الاستراتيجية العربية، وانعدام التنسيق. وها هم اليوم، بعد مرور ست ستين عامًا على اعلان الاسرائيليين دولتهم، يطالبون بـ "حل" رفضوا أفضل منه - بتحريض من العرب- في ذلك الحين.
ولعله من المفيد، وخاصة للأجيال الجديدة التي لم تطلع بشكل كافٍ على مسار القضية ، أن نذكر كيف تمّ سلب فلسطين في الأمم المتحدة، حين عقدت الجمعية العامة للأمم المتحدة يوم 28 نيسان 1947 جلسة خاصة بالقضية الفلسطينية تقرر فيها تشكيل لجنة دولية للتحقيق، فأوصت بتقسيم فلسطين إلى:
- دولة عربية: تتكون حدودها من الجليل الغربي ونابلس الجبلية والسهل الساحلي الممتد من أسدود جنوب يافا حتى الحدود المصرية، بما في ذلك منطقة الخليل وجبل القدس وغور الأردن الجنوبي، وتبلغ مساحة هذه الدولة 12 ألف كيلومتر مربع.
- دولة يهودية: تتألف من الجليل الشرقي ومرج بن عامر والقسم الأكبر من السهل الساحلي ومنطقة بئر السبع والنقب، وتبلغ مساحة هذه المنطقة التي تعتبر أخصب الأراضي الفلسطينية 14200 كيلومتر مربع.
- أما الأماكن المقدسة فتشمل مدينة القدس ومنطقتها وتوضع تحت الوصاية الدولية ويعين مجلس الوصاية للأمم المتحدة حاكماً غير عربي وغير يهودي لهذه المنطقة.
وفي جلسة عقدتها الأمم المتحدة في 23 أيلول 1947 تقرر تحويل المشروع إلى لجنة خاصة تشكلت من ممثلين عن كل الدول الأعضاء بما فيهم ممثل يهودي وآخر فلسطيني. رفض المندوب الفلسطيني المشروع بعد استعراض تاريخي لجذور القضية الفلسطينية، في حين أعلن المندوب اليهودي موافقته على المشروع مع مطالبته بضم الجليل الغربي ومنطقة القدس إلى الدولة اليهودية. وفي 29 تشرين الثاني 1947 طرح مشروع التقسيم على التصويت فصودق عليه بأغلبية 33 صوتاً مقابل معارضة 13 صوتاً وامتناع عشر دول عن التصويت.
في 15 آذار 1948 أعلنت بريطانيا انتهاء الانتداب على فلسطين، وأعلنت الجلاء في آب من العام نفسه وأكدت أنها لن تمارس أي سلطات إدارية أو عسكرية. وسرعان ما تم الانسحاب البريطاني في 14 ايار 1948 ليعلن قادة اسرائيل دولتهم في اليوم التالي.
وهكذا اعتبر هذا اليوم أي 15 أيار، نكبة في تاريخ الأمة العربية. ولكن، منذ ذلك التاريخ ولغاية اليوم، تعرضت فلسطين لنكبات أكبر وأخطر، منها ما هو لأسباب خارجية، كما حصل عام 1967 على سبيل المثال، ومنها ما هو فلسطيني بحت كالاشتراك الفلسطيني في الحرب اللبنانية، والوقوف الى جانب صدام حسين في حربه ضد الكويت الخ، ولعل آخرها كانت النكبة التي نُكب بها الشعب الفلسطيني بطريقة التفاعل الفلسطيني مع ما سمي "الربيع العربي" أو بالأحرى إعادة مشروع العثمانية الجديدة تحت مسمى حكم "الإخوان المسلمين".
وبسقوط المشروع، وسقوط حماس بصفتها مقاومة فلسطينية معه، بعد ما قامت به في كل من سوريا ومصر ومبايعتها لأردوغان زعيمًا للعالم الاسلامي، كانت نكبة لفلسطين بكل ما للكلمة من معنى. نكبة فيما لو صحت التقارير التي تقول ان الطلقات الاولى في درعا على الجيش السوري كانت من أنصار حماس. ونكبة فيما لو صحت التقارير التي تقول أن ما اكتسبته حماس من دعم من سوريا وحزب الله، وخاصة الدعم العسكري والسلاح والتعلّم على حفر الانفاق استعملته حماس للانقضاض على النظام السوري بدل العدو الاسرائيلي. وكارثة إن صحّ ما تثيره السلطات المصرية من أن التفجيرات الارهابية التي تحصل في سيناء، قد تكون حماس وراءها.
إن صحت هذه المقولات والادعاءات على حماس، فإن نكبة فلسطين باتت مضاعفة، نكبة بالاحتلال ونكبة بالتنازلات، ونكبة بمقاومتها التي أضاعت بوصلة طريق فلسطين، فمرة كانت تمر في جونيه، ومرة في القاهرة، وأخيرًا باتت تمرّ في دمشق.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق