2013/08/28
2013/08/22
2013/08/19
2013/08/15
روسيا- "إسرائيل": معركة النفط قادمة
خلال الأسبوع الثاني من شهر آب الجاري، وقّع وزراء الطاقة في "إسرائيل" واليونان وقبرص، مذكرة تفاهم بشأن تنفيذ مشاريع مشتركة في مجال الطاقة والمياه، واتفق الوزراء خلال اجتماعهم الخميس 8 آب على إنشاء خط أنابيب لنقل الغاز بين الدول الثلاث، ومرفأ لتخزين الغاز المسال في قبرص لتصديره إلى أوروبا، وتفيد تصاريح هؤلاء أن هناك موافقة مبدئية من المفوضية الأوروبية، وأن هذا الخط الذي سيمدّ أوروبا بالغاز، قادر على تأمين الاحتياجات الأوروبية لمدة سبع سنوات.
وكانت تقارير أوروبية وأميركية عدّة قد تحدثت - في وقت سابق - عن مشروع لضخ الغاز "الإسرائيلي" إلى أوروبا عبر تركيا، ولكنه سقط بعد التطورات التي حصلت في سورية، وكان المشروع الذي يتمّ الحديث عنه والذي كان معداً لمشروع وصل أنابيب الغاز من "إسرائيل" إلى أوروبا عبر تركيا، فكان يرتبط بسقوط الرئيس السوري بشار الأسد وهو ما كان من المفترض أن يؤدي إلى عزل إيران وإسقاط المقاومة في لبنان، وبالتالي وصول المعارضة السورية المدعومة من الغرب إلى سدة الحكم في سورية، مما يقوي حلفاء أميركا في لبنان والمنطقة ويضعف القوى المناهضة لها، وبهذا السيناريو، تقوم "إسرائيل" بمد أنانيب الغاز برياً، عبر سورية فتركيا ومنها إلى أوروبا، وبما أن سقوط بشار الأسد بات أمراً صعب المنال باعتراف الغربيين أنفسهم، وقد لا يتحقق مطلقاً، فعلى ما يبدو، ومن خلال توقيع اتفاقيات التفاهم، أنه تمّ الاستعاضة عنه بمشروع بحري يمد أنابيب الغاز "الإسرائيلي" إلى قبرص فاليونان ثم إلى أوروبا التي تعتمد في الوقت الحالي على الغاز الروسي.
وهكذا ظهرت بسرعة إلى السطح الخديعة التي حاول رئيس المخابرات السعودية بندر بن سلطان أن يقوم بها مع الجانب الروسي، من خلال العرض الذي قدّمه للرئيس الروسي فلاديمير بوتين، والتي يندرج في شقه النفطي، عرضاً بضمان ألا يهدد الغاز المستخرج من الخليج وضع روسيا كمورد رئيسي للغاز للدول الأوروبية، مقابل أن يتخلى الروس عن دعمهم القوي لنظام الأسد، ويوافقوا على عدم عرقلة أي قرار يصدره مجلس الأمن الدولي بخصوص سورية في المستقبل.
وعلى الرغم من الإغراءات المادية التي قدمها بندر للرئيس الروسي، إلا أن العرض السعودي لا يعدو كونه خديعة كبرى، والروس ليسوا أغبياء للقبول بصفقة كهذه، فحتى لو ضمن السعودي أن لا يهدد نفط الخليج المصالح الروسية في أوروبا، فهل ستلتزم جميع الدول الخليجية - ومنها قطر- بهذا العرض؟ وهل يمكن للأمير بندر بن سلطان أن "يمون" على "إسرائيل" ألا تفعل هي أيضاً كذلك، خصوصاً أن مدّ أنبوب برّي عبر سورية يجعل كلفة النفط أقل بكثير من كلفة إمداده بحرياً، كما أن وصول حكم حليف لأميركا في سورية، سيدفع إلى إعادة ترتيب منطقة الشرق الأوسط بكاملها بما يخدم المصالح "الإسرائيلية" والأميركية، ويهدد المصالح الروسية الاستراتيجية، سواء من ناحية بيع منتجات الغاز الروسي، أو من ناحية عقود إعادة الإعمار، أو التهديد المباشر الذي ستخلقه القوى الإسلامية المتطرفة على الجمهوريات الروسية، أو لناحية إعادة روسيا قطباً وازناً وفاعلاً على الساحة الدولية يحسب له حساب.
وإن كان الأمير بندر قد نسق الموقف مع الأميركيين، وهو أمر مرجّح بشدة، ففشل الوساطة - أو الصفقة - السعودية قد تكون من جملة الملفات التي جعلت الرئيس أوباما يعدل عن زيارته لموسكو، وتختلف موسكو وواشنطن حول جملة من الملفات الكبرى التي تجعل قضية سنودن تأتي في مرتبةٍ دنيا من الأهمية، منها مسألة الدرع الصاروخي، والمصالح الروسية في الشرق الأوسط، والحلف الصيني الروسي الذي ينافس النفوذ الأميركي في الشرق الأقصى، والأهم اليوم هو الصراع الدائر في سورية، والذي تسبب فيه روسيا للأميركيين فشلاً تلو الآخر، ما قد يتسبب بإخراجهم من المنطقة محرجين ومهزومين، وهو ما لا تستطيع الولايات المتحدة أن تتحمله لما له تداعيات على صورتها الدولية وهيبتها وقدرتها على فرض نفوذها على حلفائها التقليديين.
2013/08/01
"الربيع العربي" الثاني: سقوط السلطة والأيديولوجيا
يسود الارتباك والقلق جماعة "الإخوان المسلمين"
في جميع أنحاء العالم العربي، فلم تكد حركة "تمرّد" تنجح في مصر، وتطيح بحكم
"الإخوان"، حتى باتت جميع الشعوب العربية مستعجلة لتكرار السيناريو المصري
في البلدان التي قيل إنها شهدت "ربيعاً عربياً" في العامين الماضيين.
وعلى أثر ما حصل في تونس من مظاهرات، وما يجري في
ليبيا من أعمال عنف وإحراق لمقرات "الإخوان"، واغتيالات متنقلة تؤجج مشاعر
الغضب ضد "الإخوان" في كلا البلدين، يرتاب "إخوان" تونس وليبيا
اليوم بشكل خاص، وحركة "الإخوان" العالمية بشكل عام، من أن يكون هذا الأمر
مقدمة لانتشار العدوى المصرية وسقوط حكمهم بنفس الطريقة التي استعملوا فيها هم ثورات
"الربيع العربي" ليسيطروا على السلطة، وحاولوا بسط نفوذهم في كل من مصر وتونس
وليبيا وسورية والأردن وغيرها، للتأسيس لهلال "إخواني" يحكم الشرق الأوسط
ويتمدد إلى الخليج العربي.
قد يكون القلق "الإخواني" مبرَّراً، فمبدأ
"العدوى الثورية" هو مبدأ معروف في التاريخ، فحين انطلقت موجة الديمقراطية
في أميركا اللاتينية أواخر السبعينات، شهدت المنطقة ما يشبه عملية الدومينو أو العدوى،
فانهار الحكم الديكتاتوري في كل من إيكوادور وبوليفيا وتشيلي والأرجنتين وأروجواي والبرازيل،
وذلك في مدة لا تتجاوز السبع سنوات، وحين بدأت الثورات الملوّنة في أوروبا الشرقية
السابقة، انتشرت العدوى في أرجاء المنطقة، فأطاحت بالحكام السابقين في عدد من الدول
في فترة زمنية لا تتجاوز سنونها عدد أصابع اليد الواحدة.
وكما يبدو من خلال المسار الانتقالي الذي تعيشه
هذه الدول، يمكن مقارنة تداعيات التحول الديمقراطي في العالم العربي بتداعيات الانتقال
الذي عاشته دول الاتحاد السوفياتي السابق، أما وجه الشبه بين الاثنين فيعود إلى أن
ثورات 1989 أطاحت في نفس الوقت بالحُكام السابقين، وأطاحت بالأيديولوجيا التي بُنيت
عليها السلطة في تلك الدول، فكان سقوط سلطة وأيدولوجيا معاً في دول بعضها سار مسيرته
في التحول الديمقراطي بطريقة هادئة، ومنها من أدخل في دوامة الفوضى والاقتتال المذهبي
والطائفي الذي أدى إلى انفجار بعض الدول وتقسيمها على أساس عرقي ومذهبي، وهو قد يشبه
إلى حد بعيد ما هو حاصل في العالم العربي اليوم، من مسارات فوضى واقتتال في العديد
من البلدان التي قد تؤدي إلى انفجار الحروب الأهلية التي ستؤثر حتماً على وحدة اقتصادها
ووحدة نسيجها الاجتماعي.
وهكذا نرى أنه في الوقت الذي أطاح العرب بحكامهم
الديكتاتوريين السابقين، يستكملون اليوم مسارهم الثوري بعملية انقلاب شعبية على مفاهيم
أيديولوجية حكمتهم في العامين المنصرميْن منذ سقوط الحكمين التونسي والمصري، ما سيؤدي
حكماً إلى تخلي كثيرين في العالمين العربي والإسلامي عن تأييد أيديولوجيا "الإخوان"
لأسباب عدة، منها المصلحي والاقتصادي، ومنها السياسي، ومنها النفور من التسلط الذي
مورس بشكل يشبه الديكتاتوريات السابقة.
أما وجه الاختلاف بين تلك الثورات وثورات العرب
المتجددة، فهو أن شعوب دول الاتحاد السوفياتي السابق تخلّت عن العقيدة الشيوعية لصالح
أيديولوجية واضحة ومحددة هي المبادئ الليبرالية الغربية، التي تقوم على حرية اقتصاد
السوق، والتعددية السياسية والحزبية، وسيادة مفاهيم حقوق الإنسان والديمقراطية بحسب
التصورات الغربية، بينما لا تتجه مسيرة العرب في إسقاط أيديولوجا "الإخوان"
نحو مسار حتمي في فرض أيديولوجيا محددة دون سواها.
واللافت أن المستفيد من سقوط حكم "الإخوان"،
أو من قد يكون مساهماً في التحريض على إسقاط حكمهم ويعمل على المساهمة في تمويل انتشار
عدوى إسقاطهم في "دول الربيع العربي"، هو "التيار الوهابي" السعودي،
الذي يقوم بتمويل المجموعات السلفية المناوئة لحكم "الإخوان" وتحريضها على
الثورة ضدهم، ولا يتردد في القيام بالاغتيالات والتفجيرات واستعمال الممارسات العنفية
التكفيرية ضد كل مخالف للرأي.. وهكذا، يعيش "الإخوان" في جميع أنحاء العالم
العربي القلق والارتياب نفسه الذي عاشه الشيوعيون وهم يرون انهيار منظومة العالم الاشتراكي
بشكل متسارع، وبات "الإخوان" يحصدون ثمار ما زرعوه خلال فترة حكمهم، فهم
عمدوا إلى استغلال الحركات السلفية، والاتكاء عليها للوصول إلى السلطة، واستغلوها للقيام
بالنيابة عنهم - بما يسمى في العلوم السياسية - أساليب "الحرب القذرة"، أي
تصفية الخصوم والمعارضين، إلى أن انقلب السحر على الساحر وبات "الإخوان"
اليوم يدفعون ثمناً باهظاً لسياسة التحريض والتعمية والتورية والإقصاء التي مارسوها.
المشكلة التي قد تقع الشعوب العربية بها اليوم،
هو أن يستطيع "التيار الوهابي" الحصول على جزء مهم من السلطة، متكئاً على
تمويل خليجي كبير وقدرة على التجييش وفرض النفوذ بسبب الدوغما الدينية التي يفرضها،
مستنداً إلى التشرذم الذي يعيشه التيار الديمقراطي الليبرالي، باعتباره خليطاً من الأحزاب
القومية والعربية، والليبرالية والعلمانية والمنظمات الشبابية وغيرها، وهو ما سيحتاج
إلى ثورات أخرى، ودورات متجددة من العنف لتصحيحه.
الاشتراك في:
الرسائل (Atom)