نشر في الثبات في 1 تشرين الثاني 2012
تخوّف كثير من اللبنانيين من حصول انفجار كبير يهدد السلم الأهلي ويجرّ البلد إلى حرب أهلية، وذلك إثر اغتيال اللواء وسام الحسن وما تلاه من تصعيد أمني وسياسي قام به فريق 14 شباط، والذي حاول من خلاله أن يقوم بفرض أمر واقع جديد على الساحة اللبنانية، يُحرج من خلاله داعميه من دول الغرب، وخصومه السياسيين في ظل هول صدمة الاغتيال.
وبالطبع، إن حادثة الاغتيال وما ت
تخوّف كثير من اللبنانيين من حصول انفجار كبير يهدد السلم الأهلي ويجرّ البلد إلى حرب أهلية، وذلك إثر اغتيال اللواء وسام الحسن وما تلاه من تصعيد أمني وسياسي قام به فريق 14 شباط، والذي حاول من خلاله أن يقوم بفرض أمر واقع جديد على الساحة اللبنانية، يُحرج من خلاله داعميه من دول الغرب، وخصومه السياسيين في ظل هول صدمة الاغتيال.
وبالطبع، إن حادثة الاغتيال وما ت
لاها، وما حاول هؤلاء أن يقوموا به على الساحة المحلية، لا يمكن فصله عن تداعيات ما يحصل على الأراضي السورية، خصوصاً بعد الإنجاز الميداني الذي حققه الجيش السوري في الحرب التي يشنها محور الغرب - تركيا - دول الخليج عليه، وهي أمور دفعت الغرب إلى اليأس من إمكانية تغيير النظام السوري، فلا مجلس الأمن متاح عبره التغيير، ولا التدخل العسكري، ولا استعمال سيف الإرهاب المتنقل، يبدو أنه سيهز هذا النظام أو يدفعه للرحيل طوعاً أو بناء على الضغط الشعبي.
في ظل هذه النتيجة وهذا التوجه، يسود الأوساط السياسية والدبلوماسية قناعة - كنا تحدثنا عن ضرورتها منذ بداية الأزمة - أنه لا حل للأزمة الناشبة في سورية، إلا بالجلوس إلى طاولة حوار وطني يتم فيها تمثيل جميع القوى ذات التمثيل الشعبي في سورية، تؤدي إلى قيام حكومة وحدة وطنية تشرف على انتخابات نيابية ورئاسية، من المرجح أن تفضي إلى إعادة انتخاب بشار الأسد مجدداً، لما بات له من تأييد في نظر شعبه بعد الأزمة، ولما يعطيه من أمل باستقرار فقده الشعب السوري على مدى ما يقارب السنة والنصف.
ولا شك أن تصور الحل هذا سيكون فيه خاسرون ورابحون، وسيكون أبرز الخاسرين الإقليميين هم:
أولاً: تركيا التي ستحاول أن تعيد النظر في سياساتها، وستحاول أن تقوم بما يحدّ من خسائرها الداخلية والإقليمية، وذلك بالتوسط لدى الإيرانيين وتقديم التنازلات في ملفات إقليمية عدة، وقد يكون كبش الفداء التركي هم المجموعات المسلحة التي تتخذ من تركيا مقراً لها.
ثانياً: دول الخليج التي تدعم الإرهابيين وتمولهم وتمدهم بالسلاح والفتاوى المحرضة على الجهاد في سورية، وهنا، وفي ظل محاولة هؤلاء الحد من خسائرهم في ظل فشل استراتيجيتهم في السيطرة على سورية، قد يعمد هؤلاء إلى ما يلي:
- الإبقاء على سيف التفجيرات الإرهابية المتنقلة التي تهدد استقرار سورية، وتقوم كما تفعل الآن في العراق، حيث إن خسارة نفوذها فيه، جعلها تستمر بتعكير صفو الأمن، من خلال القيام بالعمليات الإرهابية ضد المدنيين والكنائس والمساجد وغيرها، وهو ما سيجعل السيناريو السوري يشابه السيناريو العراقي؛ حكومة منتخبة أقرب سياسياً إلى الحلف المقاوم، مع تأخر حسم الملف الأمني، علماً أن قدرة الحكومة السورية تتفوق على قدرة الحكومة العراقية في حسم الملف الأمني بعد الانتهاء من الملف السياسي، وذلك بسبب بقاء أجهزة الأمن السورية والجيش على حالهما، وهو عكس ما حصل في العراق بعد الاحتلال.
- محاولة تعويض الخسارة في سورية بالعودة إلى لبنان، وبسط نفوذ هام وقوي فيه، وهنا، لا يمكن أن يحصل هذا الأمر إلا بضربة ميدانية لمحور المقاومة، أو التهويل عليها بفتنة سنية شيعية، أو تحقيق انفجار هائل أو اغتيال كبير يُحدث صدمة كبيرة في الداخل اللبناني، ويحرج محور المقاومة، فيدفعها دفعاً إلى الجلوس إلى طاولة التسويات، فتقبل بعودة مظفرة لتيار المستقبل إلى السلطة.
وانطلاقاً من هذا التحليل، يُمكن أن يُفهم ما حاولت قوى 14 شباط أن تقوم به على أثر اغتيال اللواء الحسن، ومحاولتها قلب الأوضاع الداخلية واحتلال السرايا، وإسقاط الكثير من الضحايا في الداخل لإسقاط الحكومة، ما يجعل الغرب أمام أمر واقع مستجد عليه التعامل معه، ويجعل الفرقاء الداخليين أمام خيارين: إما القبول بحكومة وحدة وطنية، يكون لهؤلاء سلطة أمنية فيها لاستخدامها وفرض موازين قوى جديدة ينطلقون منها إلى الداخل السوري، أو الاقتتال الداخلي.
لكن استراتيجية "الشباطيين" وداعميهم الخليجيين، أعاقها أمران مهمان:
- عدم استعداد الدول الكبرى لانفجار كبير في لبنان، إذ يعلم الغرب أن موازين القوى الداخلية ليست في صالح أدواتهم في لبنان، وبالتالي إن التهور ودفع الأمور نحو الانفجار سيؤدي إلى خسارة مضاعفة بدل أن يحدّ من الخسائر المتحققة في سورية.
- عدم قدرة هؤلاء على استقطاب الشعب اللبناني، فالحشد الهزيل الذي شهدته ساحة الشهداء، كان يجب أن يوقظ من يعنيه الأمر أن الحسابات الشعبية التي كانت متحققة في 2005 لم تعد كما هي عليه في 2012.
في المحصلة، إن جمهور 14 شباط المفجوع، والذي يسأل لماذا تحصل الاغتيالات من جهة واحدة؟ نجيبه ببساطة: لأنه باغتيال قادة الأكثرية النيابية لا يحقق القاتل أهدافه بالوصول إلى فتنة داخلية، فقادة الأكثرية يبدون أكثر عقلانية ووعياً من قادتهم، وهذا ما ظهر عند اغتيال اللواء فرنسوا الحاج، وحين قتل الشاب أحمد محمود خلال فترة الاعتصام وغيرها، ولأن الأكثرية اليوم تبدو "أم الصبي" وتتمتع بحس وطني تخشى معه فقدان الوطن اللبناني، بينما يستجلب "الشباطيون" السوري مجدداً إلى لبنان، وكأن تجربة السبعينات لم تعلم أياً من هؤلاء شيئاً، فلسان حال المعارضة يقول عن لبنان اليوم: "لنا أو للنار".
في ظل هذه النتيجة وهذا التوجه، يسود الأوساط السياسية والدبلوماسية قناعة - كنا تحدثنا عن ضرورتها منذ بداية الأزمة - أنه لا حل للأزمة الناشبة في سورية، إلا بالجلوس إلى طاولة حوار وطني يتم فيها تمثيل جميع القوى ذات التمثيل الشعبي في سورية، تؤدي إلى قيام حكومة وحدة وطنية تشرف على انتخابات نيابية ورئاسية، من المرجح أن تفضي إلى إعادة انتخاب بشار الأسد مجدداً، لما بات له من تأييد في نظر شعبه بعد الأزمة، ولما يعطيه من أمل باستقرار فقده الشعب السوري على مدى ما يقارب السنة والنصف.
ولا شك أن تصور الحل هذا سيكون فيه خاسرون ورابحون، وسيكون أبرز الخاسرين الإقليميين هم:
أولاً: تركيا التي ستحاول أن تعيد النظر في سياساتها، وستحاول أن تقوم بما يحدّ من خسائرها الداخلية والإقليمية، وذلك بالتوسط لدى الإيرانيين وتقديم التنازلات في ملفات إقليمية عدة، وقد يكون كبش الفداء التركي هم المجموعات المسلحة التي تتخذ من تركيا مقراً لها.
ثانياً: دول الخليج التي تدعم الإرهابيين وتمولهم وتمدهم بالسلاح والفتاوى المحرضة على الجهاد في سورية، وهنا، وفي ظل محاولة هؤلاء الحد من خسائرهم في ظل فشل استراتيجيتهم في السيطرة على سورية، قد يعمد هؤلاء إلى ما يلي:
- الإبقاء على سيف التفجيرات الإرهابية المتنقلة التي تهدد استقرار سورية، وتقوم كما تفعل الآن في العراق، حيث إن خسارة نفوذها فيه، جعلها تستمر بتعكير صفو الأمن، من خلال القيام بالعمليات الإرهابية ضد المدنيين والكنائس والمساجد وغيرها، وهو ما سيجعل السيناريو السوري يشابه السيناريو العراقي؛ حكومة منتخبة أقرب سياسياً إلى الحلف المقاوم، مع تأخر حسم الملف الأمني، علماً أن قدرة الحكومة السورية تتفوق على قدرة الحكومة العراقية في حسم الملف الأمني بعد الانتهاء من الملف السياسي، وذلك بسبب بقاء أجهزة الأمن السورية والجيش على حالهما، وهو عكس ما حصل في العراق بعد الاحتلال.
- محاولة تعويض الخسارة في سورية بالعودة إلى لبنان، وبسط نفوذ هام وقوي فيه، وهنا، لا يمكن أن يحصل هذا الأمر إلا بضربة ميدانية لمحور المقاومة، أو التهويل عليها بفتنة سنية شيعية، أو تحقيق انفجار هائل أو اغتيال كبير يُحدث صدمة كبيرة في الداخل اللبناني، ويحرج محور المقاومة، فيدفعها دفعاً إلى الجلوس إلى طاولة التسويات، فتقبل بعودة مظفرة لتيار المستقبل إلى السلطة.
وانطلاقاً من هذا التحليل، يُمكن أن يُفهم ما حاولت قوى 14 شباط أن تقوم به على أثر اغتيال اللواء الحسن، ومحاولتها قلب الأوضاع الداخلية واحتلال السرايا، وإسقاط الكثير من الضحايا في الداخل لإسقاط الحكومة، ما يجعل الغرب أمام أمر واقع مستجد عليه التعامل معه، ويجعل الفرقاء الداخليين أمام خيارين: إما القبول بحكومة وحدة وطنية، يكون لهؤلاء سلطة أمنية فيها لاستخدامها وفرض موازين قوى جديدة ينطلقون منها إلى الداخل السوري، أو الاقتتال الداخلي.
لكن استراتيجية "الشباطيين" وداعميهم الخليجيين، أعاقها أمران مهمان:
- عدم استعداد الدول الكبرى لانفجار كبير في لبنان، إذ يعلم الغرب أن موازين القوى الداخلية ليست في صالح أدواتهم في لبنان، وبالتالي إن التهور ودفع الأمور نحو الانفجار سيؤدي إلى خسارة مضاعفة بدل أن يحدّ من الخسائر المتحققة في سورية.
- عدم قدرة هؤلاء على استقطاب الشعب اللبناني، فالحشد الهزيل الذي شهدته ساحة الشهداء، كان يجب أن يوقظ من يعنيه الأمر أن الحسابات الشعبية التي كانت متحققة في 2005 لم تعد كما هي عليه في 2012.
في المحصلة، إن جمهور 14 شباط المفجوع، والذي يسأل لماذا تحصل الاغتيالات من جهة واحدة؟ نجيبه ببساطة: لأنه باغتيال قادة الأكثرية النيابية لا يحقق القاتل أهدافه بالوصول إلى فتنة داخلية، فقادة الأكثرية يبدون أكثر عقلانية ووعياً من قادتهم، وهذا ما ظهر عند اغتيال اللواء فرنسوا الحاج، وحين قتل الشاب أحمد محمود خلال فترة الاعتصام وغيرها، ولأن الأكثرية اليوم تبدو "أم الصبي" وتتمتع بحس وطني تخشى معه فقدان الوطن اللبناني، بينما يستجلب "الشباطيون" السوري مجدداً إلى لبنان، وكأن تجربة السبعينات لم تعلم أياً من هؤلاء شيئاً، فلسان حال المعارضة يقول عن لبنان اليوم: "لنا أو للنار".
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق