ان قراءة متأنية لخطاب السيد حسن نصرالله الذي القاه يوم الخميس الفائت، تؤشر الى أن الامور وصلت الى حد لم يعد يستطيع الحزب السكوت عنه، كما يؤكد على تفاهم بين مكونات المعارضة على العناوين الرئيسية وعلى وعي وفهم المخاطر والتحديات التي تواجه لبنان ووحدته وشعبه.
لم يأتِ خطاب السيد بعيدًا عما كان العماد عون قد تخوف منه، فهو في تصريحه بعيد اجتماع تكتل التغيير والاصلاح وما أثاره من مواقف مهمة في زحلة، وما سبقه من تصريحات ومؤتمرات صحفية، كان قد نبّه من فتنة ومؤامرة تحاك على لبنان، وكما كان أول المتصدين والمدافعين عن لبنان ووحدته دومًا، حدد العماد عون عناوين المعركة الجديدة التي يفترض على التيار الوطني الحر الدخول فيها لحفظ لبنان:
- رفض تسييس المحكمة وما يجري من محاولات لاستخدامها اداة للاعتداء على لبنان ومقاومته.
- عدم الانجرار الى فتنة يسعى البعض في لبنان وخارجه الدفع باتجاهها، تكون واجهتها المحكمة الدولية.
- عدم القبول بتوطين اللاجئين الفلسطينيين في لبنان وعدم السماح بتمرير المؤامرة التي تحاك ضدهم وضد لبنان واهدار حقهم في العودة الى ديارهم.
- عدم شرعية القرارات التي اتخذتها حكومة السنيورة الاخيرة.
وقد لاقى السيد حسن نصرالله، العماد عون في حرصه الوطني وفي العناوين المطروحة للمواجهة لما يحاك على لبنان من مؤامرات، وحدد عناوين المرحلة المقبلة وكيفية تعاطي الحزب مع ما يحاك له من خلال القرار الظني الذي سيصدره القاضي بلمار، فأعلن أن من حق المقاومة الدفاع عن نفسها، وهو حق مشروع كفلته الشرائع السماوية والقوانين الدولية والمحلية.
وليس أدل على ما قاله السيد نصرالله من أن القرار الظني قد كتب في وقت سابق، هو ما كشفته بعض المعلومات الصحفية عن حديث لبلمار في نيويورك عن قرارات ظنية متعددة تبدأ باتهام عناصر من حزب الله ثم تتدرج لاتهام مستويات اعلى، وهو ما تحدثت عنه أيضًا صحيفة يديعوت أحرونوت، أن المدعي العام للمحكمة الدولية، دانيال بلمار، سيصدر قراره الاتهامي على مرحلتين: الأول يتضمن أسماء ثلاثة إلى خمسة عناصر من حزب الله، بوصفهم مذنبين في عملية الاغتيال، فيما يصدر القرار الثاني مع نهاية العام الحالي، ويتضمن أسماء نحو عشرين مسؤولاً وعنصراً من الحزب، بوصفهم مشاركين، وذُكر اسم عماد مغنية كأحد الاسماء التي سيتهمها القرار.
إذًا، السؤال البديهي الآن: من سرّب تفاصيل القرار الظني؟ وأين سرية التحقيق؟ وما هو موقف الآذاريون من تسريب قرار ظني بهذا الحجم، وهم الذين اعترضوا على تسريب تفاصيل عن التحقيقات مع العميل شربل قزي؟
وفي حال سلمنا جدلاً ان الحريري، كما أعلن بعض نوابه، بأن ما قاله للسيد نصرالله في لقائهما عن توجه المدعي العام الى اتهام بعض عناصر الحزب هي معلومات صحفية وليست تسريبًا من قبل المحكمة، فالسؤال البديهي الاخر: من سرّب المعلومات الى الاسرائيليين؟ وهل ساهموا هم بكتابة نص القرار الاتهامي ليعرفوا تفاصيله الدقيقة ومتى سيصدر وتاريخه ومن هي الاسماء التي ستتهم ؟ وعلى ماذا يعوّل أشكنازي ليقول ان لبنان سيعاني من فتنة وتوترات في ايلول عند صدور القرار الظني؟ وما هو دورهم في صياغة ذلك القرار وفي تقديم الادلة له من خلال داتا الاتصالات وغيرها؟
هي إذًا، معركة جديدة دخلت فيها اسرائيل طرفًا مباشرًا، وقد حرّضت صحيفة هآرتس الرئيس سعيد الحريري على حزب الله متهمة اياه بالتخلي عن دم والده وكرامة العائلة من أجل أن يكون رئيس حكومة.
لا يكفي ما قاله الحريري خلال مؤتمر تيار المستقبل من أنه لن يسمح باغتيال والده مرة ثانية وبأن يكون دمه سبب للفتنة، عليه أن يطبق ذلك بأفعال أي بمحاسبة شاملة وحقيقية، وكشف كل الحقائق عمن حرّف التحقيق وفبرك شهود الزور، ودفع أموالاً لشنّ حملة افتراء قانونية واعلامية وسياسية، لحرف التحقيق عن مساره والتغطية على المجرم الحقيقي، الذي ما زال طليقًا. وعليه، أن يجيب عن كثير من القضايا والانحرافات وتخطي القانون الذي تمّ في المرحلة السابقة، وبعلمه وباسمه.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق